للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبق في تراجم أعلام الأشاعرة ذكر نماذج لرجوع بعضهم، وللحيرة والشك عند كثير منهم، ولا يخلو كتاب من كتب شيخ الإسلام العقدية من التعرض لهذه المسألة حتى إنه قال: "ولو جمعت ما بلغني في هذا الباب عن أعيان هؤلاء كفلان وفلان لكان شيئاً كثيراً، وما لم يبلغني من حيرتهم وشكهم أكثر وأكثر" (١) .

وهذه المسألة واضحة ومعروفة، ولذلك نكتفي بذكر نماذج من أقواله ونقوله عنهم:

١- يقول شيخ الإسلام مبيناً اضطراب الأشاعرة وعلى رأسهم الأشعري: "وقد قيل: إن الأشعري - مع أنه من أقربهم إلى السنة والحديث وأعلمهم بذلك - صنف في آخر عمره كتاباً في تكافؤ الأدلة، يعني أدلة علم الكلام فإن ذلك هو صناعته التي يحسن الكلام فيها، وما زال أئمتهم يخبرون بعدم الأدلة والهدى في طريهم، كما ذكرناه عن أبي حامد وغيره حتى قال أبو حامد الغزالي: أكثر الناس شكاً عند الموت أهل الكلام"، وهذا أبو عبد الله الرازي من أعظم الناس في هذا الباب - باب الحيرة والشك والاضطراب - لكن هو مسرف في هذا الباب له تهمة في التشكيك دون التحقيق، بخلاف غيره فإنه يحقق شيئاً ويثبت على نوع من الحق.. " (٢) . والقول بتكافؤ الأدلة سمة عامة لغالب أئمة الأشاعرة خاصة في مثل المسائل الكبار كمسألة دليل حدوث الأجسام (٣) .

٢- وكثيراً ما يؤدي خوض هؤلاء في علم الكلام إلى الشك والوقف والحيرة، وهذه من الحالات الخطيرة، والأمراض المزمنة، لأن تؤدي بهؤلاء إلى أنواع من الشكوك التي قد يكون من أثارها زيغ القلوب - ولا حول ولا قوة إلا بالله - وشيخ الإسلام يبين أنه لما كثرت عند هؤلاء الأدلة العقلية وتناقضت وتناقض أصحابها أدى بمن اعتمد عليها إلى الحيرة والوقف، يقول - بعد إلى تناقض الأدلة العقلية عند هؤلاء: "ثم من جمع منهم بين هذه الحجج أداه الأمر


(١) درء التارض (١/١٦٦) .
(٢) نقض المنطق (ص: ٢٥-٢٦) ، وهو في مجموع الفتاوى (٤/٢٨) ، وانظر منهاج السنة (٣/٦٨) .
(٣) انظر: التسعينية (ص: ٢٠١) ، والدرء (١/١٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>