للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل قول كثير منهم: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، ولا حال فيه ولا بائن منه، أو قول بعضهم: إن الله في كل مكان، من غير حلول، وسيجد أيضاً من يؤول أكثر من ألف دليل من الكتاب والسنة دالة على إثبات علو الله تعالى وفوقيته على خلقه، وسيجد من يقول بإثبات رؤية الله في الدار الآخرة، ولكن من غير مقابلة ولا مواجهة، وسيجد من يقول: إن كلام الله معنى واحد، لا فرق فيه بين ما هو أمر أو نهي أو خبر. وسيجد غيرها من الأقوال التي تصادم العقول والنصوص.

فهل بعد ذلك سيجد الفيلسوف أو القرمطي أو الصوفي الغالي مشقة في إقناع أتباعه بتأويل نصوص المعاد، أو أنها خطاب للجمهور لإصلاح أحوالهم في الدنيا، أو تأويل نصوص العبادات والأوامر والنواهي؟.

حقاً إن ما عمله هؤلاء المتكلمون - حين خالفوا منهج ومذهب السلف في تلقي النصوص - أن فتحوا الباب لكل ملحد وزنديق أن يتأول كلام الله كيف يشاء.

والكلام هنا إنما هو لتفسير ما حدث، وليس للمفاضلة بين هؤلاء؛ إذ لا شك ولا ريب أن هؤلاء المتكلمين أفضل من أولئك، وأقوالهم أقرب إلى العقل والنقل من أقوال الملاحدة الخارجين عن الإسلام.

ولما كان من منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على خصومه، بيان كيف وقع التسلط من هؤلاء الملاحدة، حرص على ذكر أسباب ذلك، مع ذكر أنواع من هذا التسلط.

فقد ذكر شيخ الإسلام عدة أسباب لتسلط هؤلاء على المتكلمين:

١- منها: "عدم علمهم بما بعث الله به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعدم تحقيقهم لقواعد المعقول، فإن الأقوال المبتدعة لابد أن تكون مناقضة للعقل والشرع" (١) .


(١) شرح الأصفهانية (ص: ٣٣١) - ت العودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>