للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- ومنها: "ابتداعهم لدلائل ومسائل في أصول الدين تخالف الكتاب والسنة، ويخالفون بها المعقولات الصحيحة، التي ينسر فيها خصومهم أو غيرهم" (١) .

٣- ومنها: "مشاركتهم لهم في العقليات الفاسدة من المذاهب والأقيسة، ومشاركتهم لهم في تحريف الكلم عن مواضعه" (٢) .

وقد أشار شيخ الإسلام بإجمال في الرد على المنطقيين إلى عدد من هذه العقليات الفاسدة التي تسلط بسببها الفلاسفة على المتكلمين، فقال في مسألة رؤية الله: وإمكان رؤيته يعلم بالدلائل العقلية القاطعة، لكن ليس هو الدليل الذي سلكه طائفة من أهل الكلام كأبي الحسن وأمثاله؛ حيث ادعوا أن كل موجود يمكن رؤيته، بل قالوا: ويمكن أن تتعلق به الحواس الخمس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس، فإن هذا مما يعلم فساده بالضرورة عند جماهير العقلاء. وهذا من أغاليظ بعض المتكلمين، كغلطهم في قولهم: إن الأعراض يمتنع بقاؤها، وأن الأجسام متماثلة، وأنها مركبة من الجواهر المنفردة التي لا تقبل قسمة ... وكذلك غلط من غلط من المتكلمين وادعى أن الله لم يخلق شيئاً بسبب ولا لحكمة، ولا خص شيئاً من الأجسام بقوى وطبائع، وادعى أن كل ما يحدث فإن الفاعل المختار الذي يخص أحد المتماثلين بلا تخصيص أصلاً يحدثه، وأنكر ما في مخلوقات الله وما في شرعه من الحكم التي خلق وأمر لأجلها" - يقول شيخ الإسلام معلقاً -: "فإن غلط هؤلاء مما سلط أولئك الفلاسفة، وظنوا أن ما يقوله هؤلاء وأمثالهم هو دين المسلمين أو قول الرسول وأصحابه، ولهذا كانت مناظرة ابن سينا هي للمعتزلة، وابن رشد للكلابية. وكانوا إذا بينوا فساد بعض ما يقول مبتدعة أهل الكلام يظنون أنه لم يبق حق إلا ما يقولونه هم، وذلك بالعكس، وليس الأمر كذلك، بل ما يقوله مبتدعة أهل الكلام


(١) نقض التأسيس المطبوع (١/٢٢٣) .
(٢) المصدر السابق - نفس الجزء والصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>