للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه خطأ مخالف للشرع والعقل، والخطأ فيما تقوله المتفلسفة في الإلهيات والنبوات والمعاد والشرائع أعظم من خطأ المتكلمين" (١) .

هذه أهم الأسباب التي يرى شيخ الإسلام أنها أدت إلى تسلط الفلاسفة على هؤلاء المتكلمين، وخلاصتها البعد عن دلائل الكتاب والسنة، والخوض في الدلائل العقلية الفاسدة.

وقد ألمح شيخ الإسلام لشيء من قصة تسلط الحركات الباطنية في العالم الإسلامي على أثر مقالات أهل الكلام، فقال عن دليل حدوث الأجسام الذي جاء به هؤلاء من المعتزلة والأشعرية: "فطريقتهم التي أثبتوا بها أنه خالق للخلق مرسل للرسل إذا حققت عليهم وجد لازمها أنه ليس بخالق ولا مرسل، فيبقى المسلم العاقل إذا تبين له حقيقة الأمر وكيف انقلب العقل والسمع على هؤلاء متعجباً، ولهذا تسلط عليهم بها أعداء الإسلام من الفلاسفة والملاحدة وغيرهم، لما بينوا أنه لا يثبت به خلق ولا إرسال، فادعى أولئك قدم العالم، وأثبتوا موجباً بذاته وقالوا: إن الرسالة فيض على النبي من جهة العقل الفعال لا أن هناك كلاماً تكلم الله تعالى به، قائماً به أو مخلوقاً في غيره.

وكان في الوقت الذي أظهرت الجهمية في مقالتهم الأولى - وامتحنوا أئمة الإسلام كأحمد بن حنبل وغيره - قد ظهر أصل كلمة هؤلاء الملاحدة الباطنية، وذلك في إمارة المأمون ثم المعتصم، وتجدد بعد ذلك من الحوادث العظمية التي كانت في الإسلام في أثناء المائة الرابعة ما يطول شرحه مما تزلزل به أقطار البلاد الإسلامية" (٢) ، ويقصد شيخ الإسلام ما قام به القرامطة، والباطنية من أحداث في العالم الإسلامي. وقد ظهرت تلك البدع المخالفة للشرع والعقل، وخفيت السنن الموافقة للعقل والسمع - دخلت الملاحدة من هذا الباب فأخذوا من أولئك


(١) الرد على المنطقين (ص: ٣١٠-٣١١) .
(٢) شرح الأصفهانية (ص: ٣٢٩-٣٣٠) - ت العودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>