للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان لهذه المعركة أثر عظيم في نفوس المسلمين في كل مكان، وقد عبر عن مدى الفرح والتأثر بنتائجها مؤرخو الإسلام الذين ذكروا هذه المعركة حتى قال صاحب المختصر: " وتضاعف! شكر المسلمين لله تعالى على هذا النصر العظيم فإن القلوب كانت قد يئست من النصرة على التتر لاستيلائهم على معظم بلاد الاسلام ولأنهم ما قصدوا إقليما إلا فتحوه ولا عسكرا إلا هزموه فابتهجت الرعايا بالنصرة عليهم " (١) . كما كانت هذه المعركة بداية تحول في التاريخ الإسلامي فبرزت سلطة المماليك كدولة كبرى، كما مهدت للقضاء على الصليبيين، ولعل من أهم آثارها ظهور تغير عند التتار أنفسهم وتحول بعضهم إلى الإسلام.

و مسألة تأثر التتار واعتناق بعضهم الإسلام تحتاج إلى تفصيل، لأن بعض التتار- من أبناء عم هولاكو- دخلوا في الإسلام قبل معركة عين جالوت ولذلك يمكن توضيح هذا الأمر كما يلي:

أ- قسم جنكزخان مملكته بين أولاده، فكان من نصيب أحدهم وهو جوشى أكبر أبنائه؛ البلاد الواقعة بين نهر أرتش والسواحل الجنوبية لبحر قزوين، وكانت تلك البلاد تسمى القبشان، ويطلق عليها اسم القبيلة الذهبية- نسبة إلى خيام معسكراتها ذات اللون الذهبي- فلما مات جوشى خلفه أحد أولاده الذي تلقب بخان القبائل الذهبية ثم تولى بعده ولده، ثم تولى بعده بركة خان سنة ٦٥٤ هـ (٢) ، وكان بركة هذا مسلما لذلك عمل على نشر الاسلام بين قبيلته وأتباعه، وأظهر شعائر الإسلام واتخذ المدارس وأكرم الفقهاء وكان يميل إلى المسلمين ميلا شديدا. وقد بدا هذا في ظاهرتين:

أولاهما: محاربته لابن عمه هولاكو، خاصة بعد استيلائه على بغداد وقتله


(١) المختصر لأبي الفداء (٣/٢٠٥) ، وانظر في هذه المعركة: الروض الزاهر (٦٤) ، وبدائع الزهور (ج ١ ق اص: ٣٠٦) ، وذيل مراة الزمان (١/٣٦٠) ، والبداية والنهاية (١٣/ ٠ ٢٢) ، والعبر للذهبي (٣/٢٨٨) ، وحسن المحاضرة (٢/٣٩) ، والنجوم الزاهرة (٧/٧٨) ، وانظر قيام دولة المماليك: أحمد مختار العبادي (ص: ١٥٨) وما بعدها.
(٢) انظر: السلوك (١/٣٩٤-٣٩٥) ،- حاشية- ودولة بني قلاوون في مصر (ص: ٢١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>