للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخضوع لسلطة المغول الذين لا تقف أمام قوتهم وسيوفهم أية قوة- كما يزعم-. وقد عقد السلطان مجلسا استشار فيه الأمراء، وبعد مداولات قرروا أنه لا مفر من الجهاد في سبيل الله ومقاومة التتار، وكان للملك المظفر دور في الخروج بهذه النتيجة، وأعلن الجهاد في سبيل الله في القاهرة وبقية أقاليم مصر، وأخذ يجمع المال اللازم للجهاد (١) . ولما تكامل العسكر طلب من الأمراء الرحيل فتلكأوا. ولكن الملك المظفر قال لهم: " وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين " (٢) . وسار السلطان وقال: أنا ألقى التتار بنفسي فلما رأى الأمراء مسير السلطان ساروا معه وسار الجيش إلى غزة ثم تقدم عن طريق الساحل فمر على عكا- وقد أوقع الله الخلف بين المغول والنصارى (٣) - فلم يتعرض النصارى للمسلمين بل استقبلوهم وفرحوا بمقدمهم- وتجمعت الجيوش في عين جالوت (٤) ،

وجرت تلك المعركة المشهورة، التى انتصر فيها المسلمون على التتار انتصارا ساحقا، وهزم التتار شر هزيمة، وقتل قائدهم، وطاردهم المسلمون يقتلونهم في كل مكان إلى أن وصلوا خلفهم إلى حلب، وفر منهم من كان بدمشق فتبعهم المسلمون يطاردون فلولهم، ودقت بشائر النصر في قلعة دمشق وغيرها وفرح المسلمون فرحا شديدا وكبت الله اليهود والنصارى ومن مالأ التتار من المنافقين. ودخل الملك المظفر قطز دمشق في موكب عظيم ثم أخضع بقية الشام الذي كان بأيدي الأيوبيين، فصفا الشام لحكم المماليك.


(١) كان للعز بن عبد السلام موقف عظيم، إذ أنه عارض أن يجبى شىء من المال من عامة الناس إلا بعد أن يحضر السلطان والأمراء ما عندهم وما عند حريمهم من المال والحلى، وإذا لم تكف جاز أن يقترض من أموال التجار وأن يفرض ضرائب على الرعية. النجوم الزاهرة (٧/٧٢) ، وطبقات السبكى (٨/٢١٥) ، وكتاب العز بن عبد السلام: رضوان الندوى (ص: ٤٩ ا- ١٥١) .
(٢) السلوك (ج١ ق ٢ ص: ٤٢٩) .
(٣) انظر: أسباب ذلك وظروفه في كتاب الحركة الصليبية (٢/١٠٧٥) وما بعدها.
(٤) بلدة من أعمال فلسطين تقع في الشمال الغربي من بيسان، فهى بينها وبين نابلس، معحم البلدان (٤/١٧٧) ، الموسوعة الفلسطنية (٣/٣٦٨) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>