للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى واحد أو معنيين، على قولين:

أحدهما: أنهما بمعنى واحد، وأن ما دل عليه لفظ المثل مطلقا ومقيدا يدل عليه لفظ الشبه، وهذا قول طائفة من النظار.

والئافي: أن معناهما مختلف عند الاطلاق لغة وشرعا وعقلا، وإن كان مع التقييد والقرينة يراد بأحدهما ما يراد بالآخر وهذا قول أكثر الناس.

وهذا الاختلاف مبني على مسألة عقلية [وهي (١) ] : أنه هل يجوز أن يشبه الشيء الشيء من وجه دون وجه؟ وللناس في ذلك قولان، فمن منع أن يشبه من وجه دون وجه قال: المثل والشبه واحد، ومن قال: إنه قد يشبه الشيء الشيء من وجه دون وجه، فرق بينهما عند الإطلاق " (٢) ، وقد رجح شيخ الإسلام الثاني بقوله: " وهذا قول جمهور الناس؛ فإن العقل يعلم أن الأعراض مثل الألوان، تشتبه في كونها ألوانا مع أن السواد ليس مثل البياض، وكذلك الأجسام والجواهر عند جمهور العقلاء تشتبه في مسمى الجسم والجوهر، وإن كانت حقائقها ليست متماثلة، فليست حقيقة الماء مماثلة لحقيقة التراب، ولا حقيقة النبات مماثلة لحقيقة الحيوان، ولا حقيقة النار ممائلة لحقيقة الماء، وإن اشتركا في أن كلا منهما جوهر وجسم وقائم بنفسه، وأيضا فمعلوم في اللغة أنه يقال: هذا يشبه هذا، وفيه شبه من هذا، إذا أشبهه من بعض الوجوه وإن كان مخالفا له في الحقيقة. قال الله تعالى: "وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا" [البفرة: ٢٥] ، وقوله: "مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ" [آل عمران: ٧] ، "وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا

اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ " [البقرة: ١١٨] فوصف القولين بالتماثل، والقلوب بالتشابه لا بالتماثل؛ فإن القلوب


(١) في مطبوعة الجواب الصحيح وهو، ولعل الصواب ما أثبته.
(٢) الجواب الصحيح (٢/٢٣٣) - ط المدني.

<<  <  ج: ص:  >  >>