للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما يقرره شيخ الاسلام في هذا الباب من أن لفظ الشبه والتشبيه لفظ مجمل، ولذلك لم يرد نفيه في الكتاب والسنة، إنما هو دفاع عن الصفاتية- من هؤلاء الأشاعرة وغيرهم- في مقابل المعتزلة والجهمية والقرامطة وغيرهم.

١٠- ومذهب السلف- رحمهم الله تعالى- مشهور في الرد على نفاة الصفات أو بعضها، يقول شيخ الاسلام عن الأشاعرة بعد كلامه عن المعتزلة الذين جعلوا نفي الصفات كالعلم والقدرة من التوحيد والتنزيه عن التشبيه والتجسيم-: " ثم هؤلاء مضطربون فيما ينفونه من ذلك، لكن وافقوا أولئك على أن ما نفوه من التشبيه وما نفوه من المعنى الذي سموه تجسيما هو التوحيد الذى لا يتم الدين إلا به، وهو أصل الدين عندهم، وكل من سمع ما جاءت به الرسل يعلم بالاضطرار أن هذه الأمور ليست مما بعث الله به رسوله، ولم يكن الرسول يعلم أمته هذه الأمور ولا كان أصحاب رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم- عليها، فكيف يكون هذا التوحيد الذي هو أصل الدين لم يدع إليه رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعون، بل يعلم بالاضطرار أن الذى جاء به الرسول من الكتاب والسنة يخالف هذا المعنى الذي سماه هؤلاء الجهمية توحيدا، ولهذا ما زال سلف الأمة وأئمتها ينكرون ذلك " (١) ، ثم ساق شيخ الاسلام عددا من الروايات المشهورة عن أئمة السلف في ذمهم لأهل الكلام وأهل البدع الذين يخوضون في أسماء الله وصفاته ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون (٢) .

أما مسألة نفي التشبيه بإطلاق، فإمام أهل السنة أحمد بن حنبل-رحمه الله- بين ذلك في الرد على الزنادقة- كا نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عنه معلقا على بعض أقواله، قال شيخ الاسلام: " ولهذا قال الامام أحمد: " فقلنا إن الشيء لا كالأشياء قد عرف أهل العقل أنه لا شيء، فعند ذلك تبين للناس أنهم لا يثبتون شيئا " (٣) ، فبين الامام أحمد أنه يعلم بالمعقول الصريح الذي


(١) التسعينية (ص:٣٠٤) .
(٢) انظر: المصدر السابق (ص: ٢٠٤-٢٠٧) .
(٣) كلام الإمام أحمد في الرد على الزنادقة والجهمية (ص: ٦٨) - ضمن عقائد السلف وفيه: " فعند ذلك تبين للناس أنهم لا يؤمنون بشيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>