للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفعل في الأزل ثم صار قادرا (١) ، أو بمعنى آخر قالوا: إن الفعل كان ممتنعا عليه تعالى ثم صار ممكنا، والذى ألجأهم إلى هذا أن يسلم لهم القول بحدوث العالم لأنه لو قيل بجواز أن يكون قادرا على الخلق قبل ذلك لأدى ذلك إلى صحة القول بقدم العالم، لأنه ما من زمن يفترض فيه خلق العالم إلا وجائز أن يقع

قبله، لأن الله أزلي. وهذا ممتنع.

٢- بناء على قول المتكلمين في منع التسلسل في الماضي، صارت الأقوال في التسلسل في الآثار ثلاثة:

أ- منعه في الماضي والمستقبل، وهذا قول جهم والعلاف، وحجة هؤلاء أنه اذا كان ممتنعا في الماضي فيجب أن يكون ممتنعا في المستقبل، فقال

الجهم بفناء الجنة والنار، وقال العلاف بفناء حركات أهلهما.

ب- منعه في الماضي وتجويزه في المستقبل، وهذا قول أكثر أهل الكلام الذين يقولون بدوام نعيم الجنة.

ب- جوازه فيهما، وهو قول أهل السنة والحديث (٢) .

ويلاحظ أن المقصود التسلسل في الآثار لا في الفاعلين لأن هذا مقطوع بامتناعه وأنه لابد أن ينتهي إلى الخالق تعالى.

وقد اعترض على المتكلمين في قولهم بجواز دوام الحوادث في المستقبل دون الماضي، بأنه لا دليل لهم على التفريق بينهما، وقد ذكر الجويني فرقا ضرب


(١) وقول بعضهم إن الله كان قادرا في الأزل على ما لم يزل، متناقض، لأنه يقال لهم: حين كان قادرا هل كان الفعل ممكنا، فلابد أن يقولوا: لا، فيقال لهم: كيف وصف بالقدرة مع امتناع المقدور؟. انظر: درء التعارض (٩/١٨٥) ، ومجموع الفتاوى (١٦/٢٣٨) .
(٢) انظر: منهاج السنة (١/٩٩، ١٢٢، ٢٢١-٢٢٢، ٢/٣٠٧) - المحققة. ط دار العروبة. وأيضا (٢/٢٣-٢٥) - مكتبة الرياض الحديثة- والصفدية (١/١٠-١١، ٢٢-٢٧) ، ودرء التعارض (١/٣٦٣، ٤/ ٢٩٢-٢٩٣، ٩/ ١٨٠-١٨٥، ٢٣٨- ٢٤١) ، ومسألة الأحرف- مجموع الفتاوى. (١٢/٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>