للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له مثالا، لكن مثاله لم يكن مطابقا، ولذلك نوقش فيه (١) .

٣- لما رأى الفلاسفة أن هذا مذهب المتكلمين اعترضوا على دليلهم في إثبات حدوث العالم باعتراضين:

أحدهما: أن في قولكم- لم يكن قادرا ثم صار قادرا- ترجيحا لأحد طرفي الممكن بلا مرجح، والترجيح لابد له من مرجح تام يجب به، ثم قالوا والقول بوجود سبب بقتضي الترجيح يحتاج إلى سبب آخر وهكذا إلى غير نهاية فيلزم التسلسل وهو ممتنع عندكم.

الثالي: أن الموثر التام يستلزم أثره، والعلة التامة تستلزم معلولها، ومن ثم قال هؤلاء الفلاسفة بقدم العالم لأن العلة التامة الأزلية يجب أن يقارنها معلولها.

٤- أجاب المتكلمون عن اعتراض الفلاسفة الأول بأن المرجح عندهم:

الإرادة القديمة أو القدرة، أو العلم القديم، أو إمكان الحدوث، أو غير ذلك.

لكن الفلاسفة قالوا: إن هذه الأجوبة غير مفيدة، لأن هذه الأمور إن لم يحدث بسببها حادث لزم الترجيح بلا مرجح، وإن حدث سبب حادث فالكلام في حدوثه كالكلام في حدوث ما حدث به (٢) .

وبعضهم أجاب بتجويز ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح، وانتفاء هذا وبطلانه متفق عليه بين العقلاء، حتى إن الرازي جعل ذلك- أي أن الممكن لا يترجح أحد طرفيه الا بمرجح- مقدمة ضرورية (٢) .

وبعض الأشاعرة- كالرازي- عدل إلى الإلزام في هذه المسألة وهو أن هذا يقتضي أن لا يحدث في العالم حادث، والحس يكذبه، وقد أجاب الفلاسفة بأن هذا يلزم إذا كان التسلسل باطلا- وأنتم تقولون بإبطالهـ وأما نحن فلا نقول


(١) انظر: الإرشاد (ص: ٢٦-٢٧) ، ودرء التعارض (٢/٣٥٨-٣٥٩، ٩/١٨٦) .
(٢) انظر: درء التعارض (١/٣٢٢) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٨/٢٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>