للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- أن دليل المتكلمين- معتزلة وأشاعرة- على حدوث العالم أدى بهم إلى نفي صفات الله تعالى، وأن الله ليس له علم ولا قدرة ولا كلام يقوم به، بلا كلامه مخلوق منفصل عنه، وأن الله لا يرى في الآخرة، هذا عند المعتزلة.

أما الأشاعرة فقد التزموا نفي الصفات الفعلية عن الله تعالى بناء على أنها حوادث، وما حلت به الحوادث فهو حادث. كما التزم متأخروهم- مع المعتزلة- نفي علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه، وهذا كله من أعظم الباطل المخالف لدين الرسل عليهم الصلاة والسلام.

ب- أن إجابات المتكلمين عن اعتراضات الفلاسفة كانت ضعيفة ولذلك تسلط هؤلاء عليهم، حيث ظنوا أن هذا الذي يقوله المتكلمون هو دين الرسل، يقول شيخ الإسلام: " وكان ذلك مما سلط الدهرية القائلين بقدم العالم، لما علموا حقيقة قولهم وأدلتهم ونسوا فساده، ثم لما ظنوا أن هذا قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- واعتقدوا أنه باطل قالوا: إن الرسول لم يبين الحقائق، سواء علمها أو لم يعلمها، وإنما خاطب الجمهور بما يخيل لهم ما ينتفعون به. فصار أولئك المتكلمون النفاة مخطين في السمعيات والعقليات، وصار خطؤهم من أكبر أسباب تسلط الفلاسفة، لما ظن أولئك الفلاسفة الدهرية أنه ليس في هذا المطلوب إلا قولان: قول أولئك المتكلمين، وقولهم. وقد رأوا أن قول أولئك باطل. فجعلوا ذلك حجة في تصحيح قولهم، مع أنه ليس للفلاسفة الدهرية على قولهم بقدم الأفلاك حجة عقلية أصلا، وكان من أعظم أسباب هذا أنهم لم يحققوا معرفة ما بعث الله به رسولهصلى الله عليه وسلم- " (١) .

وذلك أن جواب المتكلمين حول الترجيح بلا مرجح، والعلة التامة كان جوابا ضعيفا.

فمثلا قول جمهور الأشاعرة: إن المرجح هو الإرادة القديمة (٢) ، قول ضعيف لأنهم " ذكروا لها ثلاثة لوازم، والثلاثة تناقض الإرادة:


(١) شرح حديث عمران بن حصين- مجموع الفتاوى (١٨/٢٢٤-٢٢٥) .
(٢) وهو الجواب الذي ذكره الغزالي في رده على الفلاسفة، انظر: التهافت (ص: ٩٦) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>