للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنصوص دلت على حدوث العالم، كما دلت على أن هذه السموات والأرض قد خلق قبلها مخلوقات، وأن هذه الخلوقات قد خلقت من مادة. وكلام السلف ورواياتهم في ذلك واضحة جدا (١) ، ومذهب المتكلمين القائلين بأن الله لم يكن فاعلا في الأزل ثم فعل وخلق، يلزم منه أن البارى تعالى كان معطلاً منذ الأزل إلى بدء الخلق، أي أنه تعالى قبل خلق الخلق، إلى ما لا نهاية له كان معطلا غير فاعل، وهم يقولون يجب أن يكون كذلك. والمتدبر للمسألة يجد هذا القول خطيرا جدا لأنه يلزم منه وصف الله في هذه المدد التي لا نهاية لها بالتعطيل عن صفة الخلق التي أجمع عليها الناس والتي هي من أوضح الدلائل على ربوبيته ووحدانيته.

وإذا كان الله متصفا بصفة الحياة والعلم والقدرة والإرادة أزلا فكيف يقول قائل: إن الله يجب أن يكون معطلا وغير فاعل؟.

ولكن بقي في الأدلة السمعية حديثان، كثيرا ما يحتج بهما المتكلمون وغيرهم على مذهبم في خلق العالم:

أحدهما: حديث "أول- أو إن أول- ما خلق الله القلم، فقال له اكتب، قال: رب وماذا اكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم

الساعة " (٢) .


(١) انظر الفقرة- قبل السابقة، وما سبق إيراده قبل قليل.
(٢) هو حديث مشهور مروي عن عبادة بن الصامت وابن عباس وأبي هريرة وغيرهم، رواه أبو داود: كتاب السنة، باب في القدر، ورقمه (٤٧٠٠) ، والترمذي في كتاب القدر باب رقم (١٧) ورقمه (٢١٥٥) ، وكتاب التفسير- باب ومن سورة ن- ورقمه (٣٣١٩) ، وأحمد في مسنده (٥/٣١٧) ، وابنه عبد الله في السنة، ورقمه (٨٧١- ٨٧٢) - ت القحطاني-، وأبو داود الطيالسي في مسنده، رقم (٥٧٧) ، والبخاري في التاريخ الكبير (٦/٩٢) ، وابن وهب في كتاب القدر، رقم (٢٧،٢٦) (ص: ١٢١-١٢٢) ، وابن الجعد في مسنده رقم (٣٥٦٩) ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده رقم (٢٣٢٩) ، (٤/٢١٧) - ت أسد-، وفي المعجم- معجم شيوخهـ رقم (٦٩) ، والطبراني في الكبير رقم (١٢٥٠٠) ، (١٢/٦٨-٦٩) ، وفي الأوائل رقم (١) ، وابن أبي شيبة في المصنف رقم (١٧٧٧١) ، (١٤/١١٤) ، والدولابي في الكنى (١/١٠٣) ، والحاكم في المستدرك (٢/٤٩٨) ، والآجري في الشريعة (ص: ١٧٧-١٧٩) ، والدارمي في الرد على الجهمية (ص: ١٢١) - ت البدر-، وفي رده على المريسي (ص: ٥٥٣-٥٥٤) ضمن عقائد السلف، =

<<  <  ج: ص:  >  >>