للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج-- أن في بعض روايات حديث عمران بن حصين: كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء (١) . فعطف الخلق والكتابة على العرش بثم، وفي لفظ آخر: " كان الله عز وجل ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، ثم كتب جل ثناؤه في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض " (٢) ، قال البيهقي عن حديث أول ما خلق الله القلم: " وإنما أراد- واللة أعلم- أول شيء خلقه بعد خلق الماء والريح والعرش والقلم، وذلك بين في حديث عمران بن الحصين - رضى الله عنهـ ثم خلق السموات والأرض " (٣) .

د- أنه قال في حديث القلم: "قال وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى قيام الساعة"، "وهذا يبين أنه أمره حينئذ أن يكتب مقادير هذا الخلق إلى قيام الساعة، ولم يكتب حينئذ ما يكون بعد ذلك، وهذا يؤيد حجة من جعله أول الخلوقات من هذا الخلق الذي أمره بكتابته، فإنه سبحانه كتبه وقدره قبل أن يخلقه بخمسين ألف سنة " (٤) .

هـ- ولما ورد في بعض ألفاظه: " لما خلق الله القلم قال له اكتب " (٥) .

فهذه الأدلة وغيرها تبين أن حديث القلم ليس فيه دلالة لهؤلاء وأن القلم ليس أول المخلوقات، بل هناك مخلوقات قبله كالعرش والماء (٦) .

ولهذه الأدلة تكلم العلماء في معنى حديث " أول ما خلق الله القلم: فقال له اكتب ... هل هو جملة أو جملتين، وهل " أول" بالرفع أو النصب (٧) .


(١) هذه رواية البخاري في صحيحهـ كتاب التوحيد- وقد سبق تخريجه قريبا.
(٢) البيهقي في الأسماء والصفات (ص: ٣٧٥) .
(٣) الأسماء والصفات (ص: ٣٧٨) ، وانظر: بغية المرتاد (ص: ٢٨٨) .
(٤) بغية المرتاد (ص: ٢٩٤) .
(٥) رواه الطبراني في الكبير- رقم (١٢٥٠٠) .
(٦) انطر حول ما سبق: بغية المرتاد (ص: ٢٧٥-٢٩٤) ، ومنهاج السنة (١/٣٦١) - طبعة جامعة الإمام، وبهذا يتبين أن من أخذ بحديث القلم دون غيره من الأحاديث، وقال إن القلم أول المخلوقات كلها قد جانبه الصواب. والله أعلم.
(٧) انظر نونية ابن القيم مع شرحها لابن عيسى (١/٣٧٤-٣٧٧) ، وللهراس (١/١٨٦ -١٨٧) . - ط مكتبة ابن تيمية، القاهرة، وانظر شرح الطحاوية (ص: ٢٩٤- ٢٩٦) - ط المكتب الإسلامى-، الرابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>