للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- أما حديث " كان الله ولم يكن شيء قبله، أو غيره، أو معه، فقد أفرد له شيخ الإسلام بمصنف، ذكر فيه اختلاف الناس فيه، وأنهم على قولين:

أحدما: " أن مقصود الحديث إخباره بأن الله كان موجودا وحده، ثم إنه ابتدأ إحداث جميع الحوادث، وإخباره بأن الحوادث لها ابتداء بجنسها.

وأعيانها مسبوقة بالعدم، وأن جنس الزمان حادث لا في زمان، جنس الحركات والمتحركات حادث، وأن الله صار فاعلا بعد أن لم يكن يفعل شيئا من الأزل

إلى حين ابتداء الفعل، ولا كان الفعل ممكنا ... ".

"والقول الثاني في معنى الحديث: أنه ليس مراد الرسول هذا، بل إن الحديث يناقض هذا، ولكن مراده إخباره عن خلق هذا العالم المشهود الذي

خلقه الله في ستة أيام ثم استوى على العرش كما أخبر القرآن العظيم بذلك في غير موضع، فقال تعالى: " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ،

وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ [هود: ٧] ، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن عمرو عن النبى-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: قدر الله مقادير الخلائق، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء " (١) ، فأخبر- صلى الله عليه وسلم- أن تقدير خلق هذا العالم المخلوق في ستة أيام، وكان حينئذ عرشه على الماء،؟ أخبر بذلك القرآن والحديث المتقدم الذي رواه البخاري في صحيحه عن عمران- رضي الله عنهـ (٢) ، ومن هذا الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وغيرهما عن عبادة بن الصامت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: وما أكتب؟، قال: ما هو كائن إلى يوم القيامة " (٣) ، فهذا القلم خلقه لما أمره بالتقدير المكتوب قبل خلق السموات والأرض، وهو أول ما خلق من هذا العالم، وخلقه بعد العرش


(١) سبق تخريجه قريبا، والذى في طبعات مسلم "وعرشه على الماء".
(٢) تقدم تخريحهما قريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>