للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعقل والشرع (١) .

وقد ناقمق شيخ الإسلام هذا المسلك- مسلك إمكان الصفات- ورد على الرازي الذي اعترف بأن القول بتماثل الأجسام قول باطل (٢) .

المسلك الرابع: الاستدلال بحدوث الصفات والأعراض، مثل صيرورة النطفة علقة، ثم مضغة، ثم إنسانا، ومثل تحول القطن إلى غزل مفتول، ثم إلى ثوب، ومثل تحول الطين إلى آجر ولبن، ثم تحوله إلى دار، فهذا التحول والتغير في هذه الأجسام يدل على أن لها فاعلا فعلها، وأن النطفة لابد لها من صانع صنعها وهو الله تعالى.

وهذا الدليل ذكره الأشعري في اللمع (٢) ، وفي رسائله إلى أهل الثغر (٤) ، وعده الرازي من ضمن مسالك إثبات الصانع، وقد بين شيخ الاسلام أن هذا مسلك صحيح، وأنهـ إذا جرد من الأمور الباطلة التي أدخلت فيهـ جزء من طريقة القرآن "التي جاءت بها الرسل، وكان عليها سلف الأمة وأئمتها، وجماهير العقلاء من الآدميين؟ فإن الله سبحانه يذكر في آياته ما يحدثه من السحاب والمطر والنبات والحيوان، وغير ذلك من الحوادث، ويذكر في آياته خلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنهار، ونحو ذلك، لكن القائلون بإثبات الجوهر الفرد من المعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية وغيرهم، يسمون هذا استدلالا بحدوث الصفات بناء على أن هذه الحوادث المشهود حدوثها لم تحدث ذواتها، بل الجواهر والأجسام التي كانت موجودة قبل ذلك لم تزل من حين حدوثها، بتقدير حدوثها، ولا تزال موجودة، وإنما تغيرت صفاتها،


(١) انظر: درء التعارض (٥/١٩٢-٢٠٣) ، حيث بين بوضوح وتفصيل فساد القول بتماثل الأجسام، وانظر أيضا: درء التعارض (١/١١٥، ٤/٢٠٠-٢٠٢، ٧/١١٢-١١٤، ١٠/٣١٢-٣١٦، ٢٦٢) ، وغيرها.
(٢) انظر: درء التعارض (٣/٧٥-٨٢) .
(٢) (ص: ٦-٧) . مكارثي و (ص: ١٧-١٩) ، غرابة، وفد سبق نقل كلامه (ص: ٤١٤- ٤١٥) .
(٤) (ص: ٣٤-٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>