للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما قالوا مرة أخرى ببطلانه (١) . وأبو الحسن الأشعري ممن يقول به (٢) .

والرازي متوقف فيه (٣) ، بل توتف فيه الجويني وغيره (٤) .

كما ينتقد شيخ الإسلام الرازي أيضا بإدخاله دليل الإمكان في هذا الدليل، ودليل الإمكان تقدم القول فيه في المسلك الثاني، وأنه اتبع فيه طريقة ابن سينا وأصحابه، يقول شيخ الإسلام- معلقا على المسلك الرابع الذي ذكره الرازي وهو الإستدلال بحدوث الصفات: "قلت: قد ذكرنا في غير موضع أن هذا المسلك

صحيح، لكن الرازي قصر فيه من وجهين: أحدهما: أنه لا يستدل بنفس الحدوث، بل يجعل الحدوث دليلا على إمكان الحادث، ثم يقول: والممكن لابد له من مرجح، وهذا الإمكان الذي يثبته هو الإمكان الذي يثبته ابن سينا، وهو الإمكان الذي يشترك فيه القديم والحادث، فجعل القديم الأزلي ممكنا، يقبل الوجود والعدم، وهذا مما خالفوا فيه سلفهم وسائر العقلاء، فإنهم متفقون على أن الممكن الذي يقبل الوجود والعدم لا يكون إلا حادثا، وابن سينا وأتباعه يوافقون الناس على ذلك، لكن يتناقضون" (٥) ، ثم ذكر الوجه الثاني الذي سبق ذكره، وهو أنهم بنوه على مسألة الجوهر الفرد (٦) .

وقد ظن بعض المعتزلة أن الأشعري لما ذكر دليل النطفة وتحولها وتغيرها، انما قصد إثبات دليل حدوث الأجسام المشهور، وقد بين شيخ الإسلام خطأ هذا الظن فقال: "الأشعري قصد العدول عن هذه الطريقة التي سلكها المعتزلة عمدا، مع علمه بها، كما قد بين ذلك في رسالته إلى الثغر، وبين أنها بدعة محرمة في الشرائع، لم يسلكها السلف والأئمة، وعدل عنها إلى الاستدلال بحدوث صفات الإنسان، لأن ذلك أمر مشهود معلوم، والقرآن العزيز قد دل عليها


(١) انظر: درء التعارض (١/١٥٨-١٥٩، ٤/٢٠١، ٦/٢٩٢، ٨/٣٢١) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٨/٣١٢) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (٢/٣٩٠) .
(٤) انظر: نقض التأسيس- مطبوع- (١/٤٩٥-٤٩٦) .
(٥) درء التعارض (٧/٢٣١- ٢٣٢) .
(٦) انظر: المصدر السابق (٧/٢٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>