في المحاصة، خلافا لأبي حنيفة في قوله يبدأ غرماء الصحة؛ لأنه دين ثبت في المرض فوجب أن يساوي الدين الثابت في الصحة، دليله إذا ثبت بالبينة في المرض، لأنه حق لو ثبت بالبينة في المرض لشارك من يثبت له، فوجب إذا ثبت بالإقرار أن يشاركه صاحبه، ويثبت له مثله حال الصحة، أصله إذا أقر بوارث في المرض، ولأنه معنى ثبت به الدين في المرض فوجب أن يساوي ما ثبت به في الصحة، أصله البينة، ولأنهما لو استويا في ثبوت الدين عليه بإقراره، وجب استواؤهما في التحاص كما استوت حال الإقرار لهما في صحة أو مرض.
[١٠٥١] مسألة: الإقرار في المرض لوارث يثبت إذا كان لا يتهم به، ولا يثبت إذا كان يتهم به، ومنعه أبو حنيفة في الموضعين، والأصح عند أصحاب الشافعي ثبوته في الموضعين؛ فدليلنا على ثبوته مع انتفاء التهمة أنه مكلف أقر بما لا يتهم عليه فقبل إقراره كالأجنبي، ولأنه ممن يصح منه الإقرار للأجنبي مع ارتفاع التهمة، فصح إقراره للوارث مع ارتفاعها كما لو أقر في الصحة، ولأن الناس قد يكون بينهم وبين أقاربهم وورثتهم معاملات ومداينات، كما يكون بين الأجانب ولا يكمنهم فيها إقامة البينة للمشقة، فلو قلنا أن الإقرار لهم في المرض لا يقبل لاشتد على الناس طريق المخلص من المظالم إلا بقطع معاملة الأقارب جملة أو بالإشهاد في كل وقت، وكل ذلك موضوع، لما يلحق فيه من مشقة، ولا يلزم على هذا أن يقال فيه تطريق إلى الوصية للوارث، لأن هناك ما يحسم معه هذا الباب وهو التهمة.