[٢٠٦٩] مسألة: إذا قال ثلث مالي لفلان، وللفقراء والمساكين، أعطي فلان على قدر الاجتهاد، وقال أبو حنيفة لفلان الثلث، وللفقراء الثلث، وللمساكين الثلث؛ فدليلنا أنه لمّا قرن فلان بالفقراء والمساكين علمنا أنّه أراد إجراءه مجراهم وإعطاءه على حسب إعطائهم، وأنه إنما نص عليه ليجعل كنصيب آخر، وقد ثبت أن ما يصيب الفقراء مصروف فيهم على الاجتهاد، فكذلك يجب أن يكون حضهم مع فلان ومع المساكين، ولأنها عطية على وجه القربة للفقراء والمساكين مرسلة في اللفظ، فيجوز أن يعطى أحد الصنفين الموصى لهم بزيادة على الآخر كالزكاة.
[٢٠٧٠] مسألة: إذا أوصى لرجل بخدمة عبده، أو سكنى داره، فللموصى له أن يؤاجر الدار والعبد، إلا أن يعلم أن الموصي أراد أن يسكنها بنفسه، وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليس له ذلك؛ ودليلنا أن الموصى له قد ملك هذه المنافع فجاز له أخذ البدل عليها كالمستأجرة، ولأنها وصية بما يصحّ أن يملك فجاز أخذ العوض عليها كالأعيان.
[٢٠٧١] مسألة: تصحّ الوصية بسكنى دار وخدمة عبد وغلّة أرض وبستان، وقال ابن أبي ليلى: لا يصحّ، قال الطحاوي: وهو القياس؛ فدليلنا أن المانع يصحح إفرادها بالعقد، بدليل جواز الإجارة عليها، فصحت الوصية بها، كالأعيان، ولأنه تمليك منافع بغير بدل، كالعارية.
[٢٠٧٢] مسألة: إذا أوصى لعبد وارثه بشيء، فإن كان يسيرًا جاز، خلافاً لأبي حنيفة والشافعي في منعهما ذلك في القليل والكثير؛ لأن العبد يملك، وملكه منفرد عن ملك سيده إلا أن ينتزعه سيده فيصير حينئذ مالكاً له، فإذا أوصى له بالشيء اليسير علمنا أنه أراد به عين العبد لا السيد، لأنّه يتهم في ذلك القدر للسيد فخرج أن يكون وصية لوارث.