للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١ - والأمرُ للفَورِ فَبَادِرِ الزَّمَنْ … إِلا إذَا دَلَّ دَليلٌ فاسْمَعَنْ

هذه قاعدة أصولية: [أن أمر الله، وأمر رسوله يقتضي الفورية] وتقدم أن الأصل في الأوامر أنها تقتضي الوجوب إلا إذا قام الصارف، وهنا نقول: [الأصل في الأوامر أنها تقتضي الفورية إلا إذا وجِد صارف] ويدل لذلك:

أولًا: من السنة حديث المسور بن مخرمة : «لما أمر النبي في صلح الحديبية الصحابة أن يحلوا من إحرامهم، فتأخر الصحابة ، فغضب النبي ودخل على أم سلمة وأخبرها فأشارت إليه أن يخرج وأن يدعو الحلاق ويحلق رأسه، فلما رآه الناس فعلوا كما فعل النبي ». (١)

الشاهد أن النبي لما تأخر الصحابة شق عليه وغضب فدل ذلك على أن الأمر يقتضي الفورية إذْ لو لم يقتضِ الفورية لمَا غضب النبي .

ثانيًا: حديث عائشة (٢) في حجة الوداع «لما أمر النبي الصحابة كل من لم يسق الهدي أن يحل من إحرامه، وأن يجعلها عمرة لكي يكون متمتعًا فتأخر الصحابة فغضب النبي » فهذا يدل على أن الأمر يقتضي الفورية.

ثالثًا: من حيث اللغة لو أن السيد قال لخادمه: أحضر كذا وكذا فتأخر فإنه يحسن لومه.

رابعًا: فَهْم الصحابة أنه يُراد بالأوامر الفورية، لشدة مبادرتهم بامتثال الأوامر، وهذا القول هو قول جمهور أهل العلم .

الرأي الثاني: أن الأوامر لا تقتضي الفورية، وإنما هي على التراخي، وبه قال الشافعي واحتجوا على ذلك بحجج منها:

أولًا: أن النبي لما نام عن صلاة الفجر تأخر حتى خرج من ذلك الوادي (٣)، ثم بعد ذلك صلى.

ويجاب عن ذلك: بأن النبي لم يتأخر، بل فعلها مباشرة، وإنما خرج من الوادي؛ لأنه كما قال : «هذا وادٍ حضرنا فيه الشيطان». (٤)

ثانيًا: أن النبي فُرض عليه الحج في السنة السادسة، أو التاسعة ومع ذلك لم يحج النبي إلا في السنة العاشرة.

فيجاب عن ذلك بأن الصواب: أن النبي فرض عليه الحج في السنة التاسعة للهجرة، لكن تأخر النبي إلى السنة العاشرة، وقد ذكر العلماء


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٧٣١).
(٢) أخرجه مسلم رقم (١٢١١).
(٣) أخرجه مسلم رقم (٦٨٠).
(٤) أخرجه مسلم رقم (٦٨٠) وفيه (فإن هذا منزل [بدل: وادٍ] حضرنا … إلخ.

<<  <   >  >>