للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٧ - قد يَثْبُتُ الشَّيءُ لغيرِهِ تَبَعْ … وإنْ يَكُنْ لوِ استَقَلَّ لا مْتَنَعْ

هذه قاعدة: [يثبت تبعًا مالا يثبت استقلالًا]:

التبع: هو المشارك لغيره في الحكم.

والمعنى أن هذا التبع يثبت له حكم متبوعه، والحكم لا يثبت له لو كان مستقلًا، وإنما اكتسبه من تَبَعِه لغيره.

والاستقلال: الانفراد في الحكم لوحده.

ومعنى القاعدة: [أن الشيء قد يكون له حكم حال الانفراد عن غيره، ولكن إذا اشترك مع غيره وتبعه فإنه يتغير حكمه لحكم متبوعه، ولا يصح هذا الحكم له لو كان منفردًا].

وللفقهاء ألفاظ أخرى تدل على القاعدة أو قريب منها كقولهم: [قد يثبت الشيء ضمنًا وحكمًا ولا يثبت قصدًا]، وقولهم: [يغتفر في التوابع مالا يغتفر في غيرها]، وقولهم: [التابع تابع]، وقولهم: [التابع لا يفرد بحكم].

ويدل لذلك: أن النبي «حرّق نخل بني النضير» (١) وهذا جائز لما فيه من النكاية بالعدو، لكن هذا التحريق يؤدي إلى تعذيب الحيوانات بالنار من الحشرات والطيور فتعذيب هذه الأشياء إذا كانت على وجه الاستقلال محرم ولا يجوز؛ لأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار لكنه جاز تبعًا لغيره، فلما كان التحريق فيه مصلحة، فعله النبي مع أنه سيترتب على ذلك أن يحرق شيئًا من الحيوانات فنقول: يثبت تبعًا مالا يثبت استقلالًا فلما كان تابعًا لغيره جاز ذلك، وكذلك الفلاح يحرق أرضه لما يترتب على ذلك من المصلحة في الأرض؛ ولأن التابع أيسر من المستقل فهو داخل في ضمنه وفي حكمه، ومن ذلك المأموم يسجد مع الإمام


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٠٢١)، ومسلم رقم (١٧٤٦).

<<  <   >  >>