للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٦ - كُلُّ استِدَامَةٍ فأقوى مِنْ بَدَا … فِي مِثْلِ طِيبِ مُحْرِمٍ ذَا قَدْ بَدَا

قوله: [استدامة]: يقال: دام الشيء دوْمًا، ودوامًا ثبت، والاستدامة: طلب دوام الشيء، وثبوته.

وهذه القاعدة: يُعبر عنها العلماء بقولهم: [الاستدامة أقوى من الابتداء، والدفع أهون من الرفع].

ودليل هذه القاعدة: حديث عائشة قالت: «كأني أنظر إلى وبيص المسك في مَفارِق رسول الله وهو محرم» (١) فالمحرم ممنوع ابتداءً من الطيب لحديث ابن عباس في الذي وقصته راحلته قال : «ولا تحنطوه، ولا تمسوه بطيب» (٢) ومشروع له قبل الإحرام، لكن استدامة هذا الطيب جائزة بعد الإحرام؛ لأن الاستدامة أقوى من الابتداء، لا نقول له: إذا تطيبت في رأسك ووجهك قبل الإحرام يجب عليك أن تغسله بل لا بأس أن تستديمه، وفي حديث عائشة قالت: «كنت أرى وبيص المسك في مفارق رسول الله ».

ومن الأمثلة: على ذلك أيضًا: المحرم ليس له أن يتزوج لحديث عثمان أن النبي قال: «لا يَنْكحُ المحرم ولا يُنكِح ولا يَخْطُبُ» (٣) فهو ممنوع من الزواج لكن له أن يُراجع زوجته التي طلقها فهذا لا بأس به؛ لأن المراجعة هنا استبقاء (استدامة) للنكاح وليس ابتداء للنكاح فالاستدامة أقوى من الابتداء.

كذلك المحرم: ممنوع أن يصيد صيدًا ابتداء، لكن لو أحرم وعنده غزالة قد صادها قبل أن يحرم، ثم أحرم والغزالة هذه في ملكه، فإنه لا يجب عليه أن يُطْلِق هذه الغزالة مع أنه ابتداءً ممنوع من الصيد مادام أنه


(١) أخرجه البخاري رقم (١٥٣٨)، ومسلم رقم (١١٩٠) ..
(٢) تقدم تخريجه ص (١٧٢).
(٣) أخرجه مسلم رقم (١٤٠٩).

<<  <   >  >>