للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥ - وما استطعتَ افعَلْ مِنَ المأمُورِ … واجْتَنِبِ الكُلَّ مِنَ المحظورِ

أي أن المأمور يجب عليك أن تفعل ما استطعت منه.

ودليل ذلك: قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، ولما روى أبو هريرة قال : «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم». (١) وحديث عمران السابق قال : «صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» (٢) الأصل في المأمور أنك تأتي به كله، فإذا لم تستطع أن تأتي به كله فتأتي بما استطعت منه؛ إذْ المأمور شرع من أجل تحصيل المصلحة فإذا لم تتمكن من جميعها حصل ما تستطيع منها. ويدخل تحت هذه القاعدة فروع كثيرة من ذلك: الصلاة يصلي المسلم قائمًا فإذا لم يستطع أن يصلي قائمًا يصلي جالسًا ويؤميء بالركوع والسجود … إلخ.

وفي زكاة الفطر يجب أن يؤدي المسلم صاعًا، فإذا لم يجد إلا نصف صاع فإنه يؤديه، وكذلك الحج الأصل أن الإنسان يحج بماله وبدنه، فإذا لم يستطع أن يحج بماله وبدنه فإنه ينيب من يحج عنه.

مسألة: إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه، فتحته أقسام:

الأول: أن يكون المقدور عليه وسيلة محضة؛ فلا يجب الإتيان به.

مثاله: لو قدر على الذهاب إلى المسجد، لكن عجز عن الصلاة مع الجماعة.

الثاني: أن يكون المقدور عليه عبادة لو انفرد؛ فيجب الإتيان به.

مثاله: لو قدر على نصف صاع من زكاة الفطر، وجب عليه أن يخرجه.

الثالث: أن يكون غير عبادة لو انفرد، فلا يجب الإتيان به.

مثاله: لو قدر على الصيام إلى نصف النهار فلا يجب عليه الصيام.

قوله: [واجتنب الكل من المحظور]: يعني المنهي عنه.

ويدل لذلك: قوله : «وما نهيتكم عنه فاجتنبوه» (٣) إذا نهى الشارع عن شيء يجب


(١) تقدم تخريجه ص (٦٥).
(٢) تقدم تخريجه ص (٧٤).
(٣) تقدم تخريجه ص (٦٥).

<<  <   >  >>