للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لنبي فعله مُوافَقةً لزمانه ومكانه فليس من قبيل السنة وإنما هو من قبيل العادة، وإن قَدَّرْت أن النبي خالف فيه زمانه ومكانه فهو من قبيل السنة.

مثال ذلك: اتخاذ الشعر فعله النبي (١) موافقًا لأهل زمانه ومكانه؛ لأن العرب كانوا في عهد النبي يتخذون الشعور ففعله النبي موافقًا لأهل زمانه ومكانه فلا نقول: بأنه سنة بل هو من قبيل العادات، وأيضًا لما خرج النبي من عرفة إلى مزدلفة وقف وبال وتوضأ وضوءًا خفيفًا … (٢) إلخ فهل هو من قبيل السنة أو العادة؟ الأقرب أنه من قبيل العادة ولهذا لا يطلب من الإنسان أن يفعل مثل هذه الأشياء.

- القسم الثالث: ما كان بيانًا لأمر فحكمه حكم ذلك الأمر وهذا أفاده الشيخ بقوله:

٢٨ - وإِنْ يكنْ مُبيِّنًا لأمرِ … فالحُكْمُ فيه حُكمُ ذاكَ الأمْرِ

فما فعله النبي بيانًا لأمر فهذا حكمه حكم ذلك الأمر، فإن كان الأمر يقتضي الوجوب فهذا الفعل حكمه حكم ذلك الأمر وهو الوجوب، وإن كان يقتضي الاستحباب فحكمه حكم ذلك الأمر وهو الاستحباب.

مثال الوجوب: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] فقوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب بيّنه النبي بفعله فالنبي مسح كل رأسه ولم يقتصر على مسح بعض الرأس «بدأ بمقدم رأسه إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه» (٣) فمسح كل رأسه.

مثال الاستحباب: قوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٥٥١).
(٢) أخرجه مسلم رقم (١٢٨٠).
(٣) أخرجه البخاري رقم (١٨٥)، ومسلم رقم (٢٣٥).

<<  <   >  >>