للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: أن الضرورة تبيح المحظورات، سواء أكان الاضطرار حاصلًا للفرد أم للجماعة، أما الحاجة فلا تكون سببًا للتيسير إلا إذا كانت حاجة عامة أو خاصة بطائفة كثيرة غير محصورة فلا تكون سببًا للتيسير في حق فرد وأفراد محصورين.

وقوله: [يجوز للحاجة كالعرية].

ضرب المؤلف مثالًا بالعرية ومسألة العرايا مستثناة من المزابنة.

والمزابنة: هي بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر اليابس. الأصل أنه لا يجوز بيع التمر اليابس بالتمر الرطب، لأنك إذا بعت ربويًا بجنسه فإنه يشترط التساوي من كل وجه لابد أن يكون يدًا بيد مثلًا بمثل، ويدل لذلك: حديث عبادة بن الصامت وأبي سعيد أن النبي قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء». (١)

فإذا بعت تمرًا بتمر فلابد أن يكون يدًا بيد، وأن يتساويا في الكيل، وفي اليبوسة والرطوبة، لابد أن يكون تمرًا رطبًا بتمر رطب، وتمرًا يابسًا بتمر يابس، فإذا اختلفا في الرطوبة واليبوسة وقعت في ربا الفضل؛ ولهذا في حديث سعد أن النبي سُئل عن بيع التمر بالرطب يعني التمر اليابس بالرطب فقال : «أينقص الرطب إذا يبس. قالوا: نعم، فنهى عن ذلك». (٢)

فالمزابنة كما تقدم هي بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر اليابس، يُستثنى من ذلك مسألة العريّة وهي بيع الرطب على رؤوس


(١) أخرجه مسلم رقم (١٥٨٧)، وحديث أبي سعيد في الصحيحين البخاري رقم (٢١٧٦)، ومسلم رقم (١٥٨٤) ..
(٢) أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٦٢٤)، أبو داود رقم (٣٣٥٩)، والترمذي رقم (١٢٢٥)، والنسائي (٧/ ٢٦٨)، وابن ماجه رقم (٢٢٦٤). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وكذلك صححه الحاكم وابن الملقن وغيرهم، ولم يصب من ضعفه.

<<  <   >  >>