للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٢ - وكلُّ مَنْ تَعَجَّلَ الشَّيءَ علَى … وجْهٍ مُحَرَّمٍ فَمَنْعُه جَلا

قوله: [جلا]: أي وضح، وظهر.

هذه قاعدة: [من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه] ومعنى هذه القاعدة: أن من تعجل الأمور التي يترتب عليها حكم شرعي قبل وجود أسبابها الصحيحة لم يفده ذلك شيئًا، وعوقب بنقيض قصده.

ودليل هذه القاعدة: أدلة سد الذرائع مثل قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٨] فالله ﷿ نهى أن يسب المؤمنون الكفار لئلا يؤدي ذلك إلى سب الله ﷿. وقوله: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] فنهى الله ﷿ المرأة أن تضرب برجلها على الأرض سدًا للذريعة، ذريعة الفتنة.

وقوله : «من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه» قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: «يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه». (١)

فهذه الأدلة تدل على قاعدة سد الذرائع؛ ولأن في استعجال الشيء قبل أوانه تقديمًا لما أخره الله تعالى؛ ولأن فيه إضرارًا بالآخرين.

قال ابن القيم : (وقد استقرت سنة الله في خلقه شرعًا وقدرًا على معاقبة العبد بنقيض قصده).

[فمن تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه] معاقبة له بنقيض قصده، وهذه القاعدة يدخل تحتها أمثلة منها:

المثال الأول: قوله : «لا يرث القاتل شيئًا» (٢) والحديث فيه ضعف، فمن قتل مورثه عمدًا فلا يرثه معاقبة له بنقيض قصده؛ لأنه تعجل الشيء


(١) أخرجه البخاري رقم (٥٩٧٣)، ومسلم رقم (٩٠).
(٢) أخرجه أبو داود رقم (٤٥٦٤)، والنسائي في الكبرى رقم (٦٣٦٧)، والدارقطني (٤/ ٩٦)، وضعفه النسائي وابن القطان وابن عبد الهادي.

<<  <   >  >>