﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] وقال في كفارة القتل: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ ففي كفارة الظهار تحرير رقبة مطلقة وفي كفارة القتل قُيدت هذه الرقبة بالإيمان.
واعلم أنه إذا ورد مطلق ومقيّد فإن الحال لا يخلو من أربعة أقسام:
القسم الأول: أن يتفق الحكم والسبب، فجمهور الأصوليين على أن المطلق يُحمل على المقيد.
مثال ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ﴾ [البقرة: ١٧٣] وقوله تعالى في آية أخرى ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ [الأنعام: ١٤٥] فقيد الدم هنا بكونه مسفوحًا فالحكم واحد وهو تحريم الدم، والسبب واحد وهو المضرة والأذى، فقالوا: يُحمل الدم المطلق على الدم المسفوح المقيد، وبعض العلماء قال: إن هذا القسم لا وجود له؛ لأنه إذا اتفق الحكم والسبب فإنه يكون شيئًا واحدًا.
القسم الثاني: أن يتفق الحكم ويختلف السبب، فجمهور الأصوليين على أنه يُحمل المطلق على المقيد.
مثال ذلك: قوله تعالى في كفارة القتل: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ قيدها بالإيمان، وقال في كفارة الظهار: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ الحكم واحد وهو إعتاق رقبة في كفارة، والسبب مختلف (ظهار، وقتل) فقالوا: يُحمل المطلق على المقيّد وحينئذ المطلق في كفارة الظهار نحمله على المقيد في كفارة القتل، فنقول: يشترط في الرقبة المعتقة أن تكون مؤمنة.
القسم الثالث: أن يتفق السبب ويختلف الحكم.
مثال ذلك: قال تعالى في الصيام في كفارة الظهار: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٤] وقال في الإطعام في كفارة الظهار: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ السبب واحد في الإطعام وفي والصيام،