٦١ - وما على المُحسنِ مِنْ سبيلِ … وعكسُهُ الظالمُ فاسْمَع قِيْلِي
قوله:[المحسن]: من تبرع وفعل المعروف.
قوله:[الظالم]: المعتدي.
وقوله:[قيلي]: أي قولي.
دليل ذلك: قوله تعالى: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [التوبة: ٩١] وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ [الشورى: ٤٢] وقوله تعالى: ﴿فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٩٣] أي أن المحسن ليس عليه ضمان ولا إثم، ويدخل في هذه القاعدة أمران:
الأمر الأول: الأُمَناء كلهم لا ضمان عليهم إلا بالتعدي، أو التفريط؛ لأنهم محسنون والأمين كما تقدم: هو كل من قبض المال بإذن الشارع، أو بإذن المالك، فهؤلاء إذا تلف المال تحت أيديهم فلا ضمان عليهم ولا إثم إلا بالتعدي أو التفريط كالمستعير، والمودَع، والمستأجر، والملتقط، والشريك، والمضارب، وكذلك الحاكم إذا أخذ مال شخص عنده لمصلحة، فإنه محسن لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
الأمر الثاني: من عمل عملًا أراد به صلاح الناس ونفعهم فتلف بذلك العمل أحد، فإنه لا ضمان عليه ولا إثم ما دام أنه لم يتعدَّ ولم يفرط.
مثال ذلك: شخص وضع حجارة، أو أخشابًا على الطين في المطر لكيلا يزلق الناس في الوحل فجاء شخص وتلف بهذه الحجارة أو تلف بهذه الأخشاب، فلا ضمان عليه؛ لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل إلا إذا كان هناك تعد أو تفريط.
مثال آخر: وضع حجرًا كبيرًا يُتلف الناس، أو أشياء يزلق بها الناس، فإنه هنا غير محسن بل هو ظالم.
وقوله:[وعكسه الظالم]: هذا يدخل تحته أمور منها:
الأمر الأول: من أخذ مال غيره بغير إذنه ورضاه كالغاصب،