أفاد المؤلف: أن الأصل في القيود التي تأتي في الأدلة الشرعية أنها للاحتراز والتقييد، وليست للتعليل وعلى هذا نقول: القيود التي تأتي في الأدلة الشرعية تنقسم قسمين:
القسم الأول: للاحتراز، والتقييد، وهذا هو الأصل.
القسم الثاني: للتعليل، وهذا قليل.
مثال ما كان قيدًا واحترازًا: قوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] فذكر الله ﷿ قيدًا للاحتراز والشرط. وعلى هذا الربيبة بنت الزوجة إن كنت دخلت بأمها فإنها تحرم عليك، أما إذا لم تكن دخلت بأمها فإنها حلال لك، فلك أن تتزوج هذه الربيبة، فهذا قيد احتراز، يعني ما تحرم الربيبة حتى تدخل بأمها، أما لو خلوت بالأم ما حرمت عليك، ولو استمتعت بالأم ما حرمت عليك، لا تحرم بنت الزوجة ولا بنات أبنائها ولا بنات بناتها إلا بوطء الزوجة الأم، أما قوله تعالى: ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ فهذا ليس شرطًا وهذا ما عليه جمهور أهل العلم ﵏ فالربيبة تحرم عليك، سواء أكانت في حجرك، أم لم تكن في حجرك.
والدليل على ذلك: أن الله ﷿ فصّل في شرط وترك التفصيل في شرط آخر فقال تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ وترك التفصيل في قوله تعالى: ﴿فِي حُجُورِكُمْ﴾ فدل على أن هذا القيد ليس للاحتراز، وإنما هو للتعليل، والإشارة إلى الحكمة؛ لأن المعنى أنها في حجرك فكأنها بنتك، فكيف تتزوجها!؟ وأيضًا قيد الحجر قيد أغلبي، وما كان قيدًا أغلبيًا لا مفهوم له.