الأوامر بعد النواهي هل تدل على الإباحة، أو أن الأمر يعود على ما كان عليه قبل النهي؟ هذا موضع خلاف.
ففي ذلك رأيان للأصوليين:
الرأي الأول: أن الأمر بعد النهي يفيد الإباحة.
الرأي الثاني: أن الأمر بعد النهي يعود إلى ما كان عليه قبل النهي، فإذا كان قبل النهي واجبًا فإنه الآن يكون واجبًا، وإن كان مستحبًا فإنه الآن يكون مستحبًا، وإن كان مباحًا فإنه يكون الآن مباحًا … وهكذا وهذا القول هو الصحيح: ولهذا أمثلة:
المثال الأول: قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢] المسلم محرَّم عليه الصيد حال إحرامه، ثم بعد ذلك أُمر به، فالأمر هنا بعد الحظر يفيد الإباحة؛ لأن الصيد قبل النهي للإباحة.
نُهي عن قتل المشركين في الأشهر الحرم، ثم بعد ذلك أُمِر به بعد انسلاخ الأشهر الحرم، الأمر هنا بعد الحظر يفيد الوجوب؛ لأن قتل المشركين قبل الأشهر الحرم واجب كما قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦].
المثال الرابع: التطوع في وقت النهي ممنوع، لكن بعد وقت النهي