الأمر الأول: إذا كان لدفع أذاه، مثال ذلك: صال عليه شخص يريد قتله، أو ماله، أو أهله، فإنه يدفع الصائل بالتي هي أحسن بالأسهل فالأسهل، إن لم يندفع إلا بقتله فإنه يقتله ولا ضمان عليه؛ لدفع أذاه.
وكذلك لو صال عليك بعير، أو ثور، ونحو ذلك، فإنك تدفعها بالتي هي أحسن بالأسهل فالأسهل، فإن لم تتمكن إلا بقتل هذا الصائل فلا شيء عليك؛ لأنه لدفع الأذى.
وكذلك إذا أشرفت السفينة على الغرق فألقى عمرو متاع زيد؛ لكي تنجو السفينة، فإنه يضمن، لكن لو وقع عليه متاع زيد فدفعه عنه دفعًا لأذاه فسقط في البحر، فلا ضمان عليه.
ففرق بين الشيء إذا أتلفته لكي تنتفع به، أو الشيء الذي أتلفته لدفع أذاه.
الأمر الثاني: قوله: [أويك مأوذنا به من مالك]:
أي: إذا أذن لك المالك في إتلافه فإنه لا ضمان عليك، فإذا أعطاك الطعام، لتأكله، أو الماء لتشربه، أو الثوب لتلبسه فلا ضمان في ذلك؛ لأنه هو الذي سلطه عليك، وأذن لك في الإتلاف والانتفاع.
الأمر الثالث: قوله: [أو ربنا ذي الملك خير مالك]: إذا كان الإذن من الله ﷿، فلا ضمان عليك، ولذلك أمثلة:
المثال الأول: المضطر إلى طعام الغير، وليس معه طعام أذن له الشارع في أن يأكل من طعام غيره وليس عليه ضمان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀:(لا بأس أن يأكل من مال الغير ما يدفع به مخمصته إذا كان فقيرًا ولا ضمان عليه).
المثال الثاني: إذا اضطر الإنسان إلى نفع مال الغير، لم يضطر إلى عين ماله؛ كأن يضطر إلى الثوب لكي يلبسه، أو السيارة لكي يركبها، أو الدلو لكي يخرج به الماء، فإنه لا ضمان عليه مطلقًا مع أنه أتلف المنافع.