للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما القرآن: فقول الله ﷿ ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] فأوجب الله ﷿ على من قتل صيدًا مثله من النعم مع أنه ليس مكيلًا ولا موزونًا.

وأما السنة: فحديث عائشة: لما ضربت يد الخادم فسقط الإناء وانتثر الطعام قال : «طعام بطعام، وإناء بإناء» (١) فقضى النبي بالمثل مع أن الصناعة المباحة دخلتها.

ومن ذلك: أن النبي : «استسلف بكرًا ورد رباعيًا» (٢) والحيوان عند الشافعية والحنابلة قيمي؛ لأنه ليس مكيلًا ولا موزونًا، ومع ذلك رد النبي المثل فدل على أن المثل أوسع من المكيلات والموزونات.

وأما آثار الصحابة: فالمحْرِم يضمن الصيد إذا أتلفه بمثله، أو ما يقاربه، فقضى الصحابة في البعير بالنعامة مع أن الفرق بينهما كبير لكنها تشابهها في بعض الأشياء، مثل طول الرقبة، والجسم، وقضوا في الشاة بحمامة مع الفرق بينهما لكن لأنها تشبهها من جهة مص الماء - والله أعلم - والصحابة هم أفقه الأمة وأعلمها ومع هذا قضوا في مثل هذا بالمثل بما يشابهه من بعض الوجوه، مع أنها ليست مكيلة ولا موزونة، وعلى هذا يكون المثلي أوسع من القيمي فكل شيء له مثل في الأسواق نقول: بأنه مثلي (البر، والشعير، والكتب، والثياب … إلخ) هذه الأشياء كلها لها مثل، وعلى هذا لو أتلف له ثوبًا وطالبه بالقيمة هل يلزمه أن يدفع له ثوبًا آخر أو يدفع له القيمة؟

نقول: يدفع له ثوبًا آخر لا يدفع له قيمته؛ لأن هذا هو المثلي. وكذلك لو أتلف برًا، أو كتابًا، أو قلمًا فالمتلِف يأتيه بالمثل، بمثل هذا البر أو الكتاب أو القلم … إلخ ولا يلزمه أن يأتيه بالقيمة.

أما الذي ليس له مثل فتجب قيمته.


(١) تقدم تخريجه ص (٢٣٦).
(٢) أخرجه مسلم رقم (١٦٠٠)

<<  <   >  >>