للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عهد رسول الله ». (١)

قوله: [ومن نوى الطلاق للرحيل]: أي من تزوج بنية أنه يطلق هذه المرأة عند رحيله من هذا البلد، فإن هذا محرم ولا يجوز، وهذا ما يسمى بالزواج بنية الطلاق، وقد اختلف العلماء في حكمه:

فالمشهور من مذهب الحنابلة: أنه من نكاح المتعة، لحديث عمر أن النبي قال: «إنما الأعمال بالنيات .. » (٢) فالأمور بمقاصدها، فكما أن من نوى تحليل المطلقة ثلاثًا لا تحل ولا يصح معه العقد؛ فكذا من نوى الزواج بنية الطلاق؛ ولأن النكاح يراد للدوام والاستمرار وهذا ينتفي مع النكاح بنية الطلاق، وأيضًا فإن النكاح شرع لما يترتب عليه من مصالح عظيمة تنتفي مع النكاح بنية الطلاق، ولما فيه من الغش والتدليس، ولا يرضاه أحد لموليته وقد قال : «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (٣) ولما فيه من اتخاذ آيات الله هزوًا.

وعند الأئمة الثلاثة: جوازه ومنهم من كرهه لاستكماله الشروط والأركان.

واستدلوا أيضًا: بأن المعيب يتزوج وهو يعلم أنه سيفسخ منه النكاح، وأجيب: بأن كتمانه للعيب محرم فلا عبرة به.

واستدلوا: بأنه يجوز الزواج من الأَمة وقد تعتق فتختار الفسخ، وأجيب: بأن هذا طارئ ونادر وليس أصليًا كإرادة الطلاق.

واستثنى المؤلف من القاعدة السابقة ما إذا كان الطرف الآخر يجهل هذه النية وذلك بقوله:


(١) أخرجه الحاكم (٢/ ١٩٩) والبيهقي (٧/ ٢٠٧) وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وابن تيمية في بيان الدليل (٤٧٩).
(٢) تقدم تخريجه ص (٤٣).
(٣) أخرجه البخاري رقم (١٣) ومسلم رقم (٤٥).

<<  <   >  >>