للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صحيحًا». (١)

وفي صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي كان في غزاة فقال: «إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم، حبسهم المرض». (٢)

قوله: [ورب مفضول يكون أفضلا]: هذه القاعدة الثانية، الأصل أن الفاضل أفضل من المفضول، ويدل لهذا: قوله فيما يرويه عن ربه ﷿ في الحديث القدسي «وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه». (٣) فالفرائض أفضل من السنن كما في الحديث القدسي، لكن قد توجد مصالح تجعل المفضول أفضل من الفاضل، ولذلك أمثلة:

المثال الأول: قراءة القرآن أفضل الذكر، لكن قد يكون الذكر أفضل من قراءة القرآن إذا كان مشروعًا في محله، أو زمنه، أو حاله فمثلًا دبر الصلاة السنة أن يذكر الله ﷿ مع أن قراءة القرآن أفضل من الذكر، ولكن لما كان مشروعًا في هذه الحال كان أفضل.

المثال الثاني: صلاة السنة في وقتها أفضل، لكن قد تتعلق مصالح يؤخر الإنسان فيها صلاة السنة حتى لو خرج الوقت مثل ما فعل النبي عندما شغله وفد عبد القيس في تعلم أمور الإسلام فأخر النبي سنة الظهر البعدية إلى دخول وقت العصر (٤) فكون النبي يفعلها في وقتها هذا هو الفاضل، وكونه يفعلها بعد الوقت، هذا مفضول، بل لا تصح بعد الوقت إذا كان عمدًا بلا عذر، لكن لما كان يترتب على التأخير مصالح كان المفضول هنا أفضل من الفاضل.


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٩٩٦).
(٢) أخرجه مسلم رقم (١٩١١) وأخرجه البخاري رقم (٢٨٣٩) من حديث أنس.
(٣) أخرجه البخاري رقم (٦٥٠٢).
(٤) أخرجه البخاري رقم (١٢٣٣) ومسلم رقم (٨٣٤) وفيه قال : يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر وإنه أتاني ناسٌ من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان».

<<  <   >  >>