الأمر الثاني: أن تكون موافقة للشرع في الجنس، وعلى هذا لو تعبد الإنسان بجنس لم يأتِ به الشرع فإن هذا بدعة، ولذلك أمثلة:
المثال الأول: في الهدي والأضحية، فالشرع جاء بجنس مُعيّن وهي بهيمة الأنعام، فكون الإنسان يضحي مثلًا بدجاج، أو بسائر الطيور فإن هذا بدعة؛ لأن هذا ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله ﷺ.
المثال الثاني: في العقيقة جاءت الشريعة بذبح شاتين للذكر وشاة للأنثى، فلو أن الإنسان عقّ عن ابنه بغزال فإن هذا جنس لم يأتِ به الشرع.
الأمر الثالث: القَدْر فلابد أن تكون هذه العبادة موافقة للشرع في قدرها وهذه المسألة يقسمها العلماء ﵏ إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون ما زاد على القدر المشروع لا يتبعّض فهذا بدعة، فلو صلى الظهر خمسًا، أو المغرب أربعًا فإنه جاء بعبادة لم يأتِ بها الشرع فيما يتعلق بالقدْر.
القسم الثاني: أن يكون ما زاد على القدر المشروع يتبعّض ويمكن فصله فهذا فيه تفصيل: إن اعتقد أنه من الوارد فإنه بدعة، وإنه لم يعتقد أنه من الوارد، وإنما أراد أن يتعبد به استقلالًا فإن هذا لا بأس به.
مثال ذلك: الواجب في زكاة الفطر صاع فلو أن الإنسان أخرج صاعين على أن هذه الزيادة صدقة ونافلة، فإن هذا لا بأس به لكن لو أخرجه على أنه يتقرب به وأنه زكاة واردة فإن هذا بدعة، ونظير ذلك أيضًا أن المشروع في دبر كل صلاة أن يسبح الله ويحمده ويكبره تسعًا وتسعين مرة ثم يقول في تمام المائة:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) فلو زاد على ذلك من هذا التسبيح، إن اعتقد أنه سنة واردة في هذا الموضع فإنه بدعة، وأما إذا زاد على أنه يتنفل بهذه العبادة فإنه لا بأس به.