للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مشقة إلا إذا كان الأمر دالًا على الوجوب إذْ لو لم يدل على الوجوب لم يكن فيه مشقة وفي لفظ «عند كل وضوء» (١) فدل ذلك على أن الأمر يقتضي الوجوب فلو كان يقتضي الاستحباب لم يكن فيه مشقة؛ لأن الإنسان يكون مخيرًا بين الفعل والترك والأفضل له أن يفعل.

رابعًا: أن النبي أخّر صلاة العشاء ثم خرج فقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي». (٢)

فهذا يدل على أن أوامر النبي تقتضي الوجوب؛ إذْ لو أن النبي أمر أن تؤدَّى صلاة العشاء في ذلك الوقت لكان في ذلك مشقة وترتُّب المشقة يدل على وجوبه.

خامسًا: إجماع الصحابة على امتثال أوامر النبي دون السؤال عما أراد الرسول بأمره.

سادسًا: اللغة: فإنها تدل على ذلك فإن السيّد إذا أمر خادمه بأمر ثم بعد ذلك لم يمتثل لَحسُن لومه فكونه إذا ترك الامتثال يحسن لومه دل على أنه ترك واجبًا من الواجبات، وكذلك لو أن الأب أمر ابنه بأمر ثم بعد ذلك لم يمتثل لحسن لومه وتوبيخه فهذا يدل على أن الأمر يقتضي الوجوب.

قوله: [أن الأمر والنهي حُتم]: أيضًا النهي يقتضي التحريم فالأصل في النواهي أنها تقتضي التحريم ويدل لذلك:

أولًا: قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧] فقوله تعالى: ﴿وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ هذا أمر بالانتهاء والأمر يدل على الوجوب كما سبق فدل ذلك على أن فعل المنهي يقتضي التحريم لقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾.


(١) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٦٦)، وأحمد في مسنده (٢/ ٤٦٠)، والنسائي (١/ ١٢).
(٢) أخرجه مسلم رقم (٦٣٨).

<<  <   >  >>