للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- ومنها ما يفيد عكس هذا، وهو تغيير الإعراب والمعنى، كقولك: زيد منطلق، إذا أخبرت عنه بذلك، فإذا ترجيت له الانطلاق قلت: لعل زيدا منطلق، فقد صار هذا الحرف الذي هو لعل غير إعراب زيد ومعناه.

- ومنها ما يغير الإعراب دون المعنى كقولك في الإخبار عن انطلاق زيد: إن زيدا منطلق، فقد غير إعراب زيد بإدخال حرف إن والخبر عن انطلاقه لم يتغير.

- ومنها ما يفيد عكس هذا، وهو تغير المعنى دون الإعراب كقولك: هل زيد منطلق؟ فإعراب زيد باق على حاله، فقد انتقل حكمه بتغيير هذه الحروف، فقد تغير الخبر عن انطلاق زيد بدخول حرف هل إلى أن صار استفهاما عن انطلاقه.

ولما ذكرنا ما ذكره عن النحاة من تقسيم الكلام التقسيم الأعم المشهور المشتمل على مفردات الكلام، والحروف، فلنذكر تقاسيم الكلام من جهات أخر، وقد أخرها أبو المعالي عن كلامه على الحروف، فهذا الباب ألوى بها في صناعة التأليف.

فاعلم أن الكلام قسمه القدماء من الأئمة أربعة أقسام: أمر، ونهي، وخبر، واستخبار، وزعموا أن جملة الكلام تحصره هذه المعاني الأربع، واختار أبو المعالي الاقتصار على أربعة كما قال هؤلاء، ولكنه أبدل لفظة بأخرى، استوعبت قسمين من هذه الأربع، وأثبت الرابع قسما آخر، غير ما قاله هؤلاء، فقسم الكلام إلى الطلب، والخبر والاستخبار, والتنبيه، فقوله: الطلب، يدل على قول أولئك: أمر ونهي، ورأى الناهي طالبا، كما [رأى] الآمر طلبا.

وزاد المتأخرون على ما قاله القدماء سبعة أقسام، فصار الكلام ينقسم عندهم إلى أحد عشر قسما، فزادوا على الأربع التي هي الأمر، والنهي، والخبر، والاستخبار، والتعجب والتلهف، والتمني، والترجي، والنداء، والقسم، [والدعاء].

وتأول بعض المتأخرين اقتصار الأولين فرأى أن التعجب خبر، والمتعجب من علم زيد، مخبر بسعة علمه، وانفراده في العلم، وكذلك القسم من جملة الأخبار، لأنه إنما يستقل مفيدا عند ذكر قسم، ومقسم عليه، فإذا قال: والله لأضربن زيدا، فقد التحق هذا بالأخبار، لأنه أخبر بما يفعل، فأشبه المخبر عما فعل. وأما التمني، والترجي، والتلهف، فإنما يقدر فيها معنى الخبر، والإعراب عما في النفس من هذه المعاني.

وتعقب أبو المعالي هذا الاعتذار، ورأى أن هذا تخيل يحصر الكلام كله إلى الخبر

<<  <   >  >>