حتى يكون الآمر والناهي مخبرا عما في نفسه من طلب الفعل، أو ترك الفعل، ولأجل هذا القدح الذي وجهه هرب إلى إثبات التنبيه في الأقسام الأربعة، ورأى أن المتلهف، والمترجي، والمتمني، والمنادي، إنما القصد بما يقولونه التنبيه، لكن المنبه بالنداء آخر غير المتكلم، والمنبه في التلهف، والتمني، والترجي المتكلم نفسه، فكأن القصد بمثل هذه الصيغ، وإن كان إعرابا عما في النفس تنبه النفس على ما تلهفت عليه، وتمنته، وترجته، وأما النداء فقد اعتذر الإسفراييني عنه، بأنه لا يفيد بمجرده، والصوت بالنداء حرف، والاسم المنادي يترقب ما يأتي بعده.
وأنكر أو المعالي هذا الاعتذار، وقال بل هو كلام مستقل عند أهل اللسان، فإذا قال القائل: يا زيد، فقد أتى بكلام مستقل ولننبه نحن على ما قاله في النداء فيما بعد.
وهذه كلها مضايقات في عبارات، وإلا فالحقائق والمعاني التي في النفس لا يقع منها الإلباس، وإنما تصور إشكال في بعض هذه الأقسام لما يشعر به المعنى من معنى آخر، حتى يظن أن المعنى المتخيل المشعر به هو المقصود (... اب).
وما أشار إليه أبو المعالي من إثبات التنبيه للنفس قسما آخر، لا شك في إثبات هذه الحقيقة، وأن الإنسان كثيرا ما ينطق [بما] قصد به تنبيه نفسه، ألا ترى قولهم: ءاه، فهذا صوت دال على تنبه لأمر ما، ويشعر أيضًا بالإعراب عما في النفس من أمر ما.
قسم الكلام على غير هذا الأسلوب، فقيل: منه ما لا يفيد، ومنه ما يفيد، والذي لا يفيد إما أن تعدم فائدته، لأن حروف الكلمة (...) المنتظم الحروف كديز، مقلوب زيد (...) ومقلوب عمرو، ورمع، فالحروف في زيد، وعمرو لم تتغير (... الا تم)(الكلام ... عربيا ... النظر ...)(ص ٥٩)، اسم مع اسم، كقولك: زيد قائم، واسم مع فعل، كقولك: قام زيد.
وأما اجتماع فعلين فمما لا يفيد كقولك: تكلم أبصر، وأما اجتماع حرف مع فعل فذكر القاضي ابن الطيب، وغيره، أنه مما يفيد كقولك: تكلم أبصر، وأما اجتماع حرف مع فعل فذكر القاضي ابن الطيب، وغيره، أنه مما يفيد كقولك: قد قام، وأنكر هذا عليه، بأن هذا إنما يفيد بتصور ضمير في الفعل الذي هو قام، فيكون المعنى قد قام فلان، وكذلك اختلف الناس في إفادة اجتماع الحرف مع الاسم، فمنهم من قال: لا يفيد على حال، ومنهم من قال: يفيد، ألا ترى قولك: يا يزيد في النداء فإنه كلام مفيد، فأجاب الآخرون عن هذا بأن