الإفادة إنما تحصل بأحد وجهين: إما [أن] يقدر في الكلام حذف مفهوم، مراد، فيكون المعنى يا زيد تعال، ويكون حذف تعال حينئذ، لكونه مفهوما من النداء أو يقدر أن حرف النداء الذي هو الياء والألف نائب عن قولك تعال، فبهذه النيابة حصلت الإفادة.
وهذا نحو ما ذكرناه من الخلاف في قولك: قد قام، وإفادته بتقدير إضمار، وما كنا ذكرناه عن الإسرافييني، وأبي المعالي ووعدنا التنبيه عليه، فهذا هو الذي وعدنا به من التنبيه وقد يكون الكلام غير مفيد، لكونه واقعا مما لا ميز له، وفي إثبات هذا قسما قائما بنفسه، نظر، لأن المجنون إن تكلم بما ليس بمفيد عند العرب، فقد دخل فيما قدمناه، وإن تكلم بما يفيد عندهم، لكنه لم يقصد إليه لعدم التمييز فإنما يقال إن هذا لا يفيد إشعارا بما في ضمير المتكلم.
وأما الكلام فجنسه مفيد، وكذلك ذكر أيضا أن من الأقسام التي لا تفيد استحالة معنى الكلام عنده كقولك: زيد ميت حي، أو ميت لا ميت، وهذا أيضا صيغ الكلام فيه معلوم معناها، مستفاد فحواها، لكن الاستحالة لم ترجع لنفس الصيغة، وإنما هي راجعة إلى الفعل، وقد أهدى التقسيم للكلام إلى ما يفيد، وإلى ما لا يفيد، وإنما بني على أحد القولين في كون ما لا يفيد كلاما.
وقد قسم الكلام على جهات أخر، فقيل:
- قد تتماثل صيغ الكلام ومعانيه.
- وقد تختلف صيغه ومعانيه.
- وقد تختلف صيغه دون معانيه.
- وقد تختلف معانيه دون صيغه.
فالأول كقولك: بياض وبياض.
والثاني كقولك: فرس وإنسان.
والثالث كقولك: قام وقعد.
والرابع كقولك: قرء المنطلق على الحيض والطهر، وجون المنطلق على السواد والبياض، وعين المنطلقة على عين الجارية، وعين الماء.