وأما لفظ الواحد المعرف بالألف واللام كقولك: الرجل أفضل من المرأة، والدينار أفضل من الدرهم، فقد اختلف المعممون في حمله على الاستغراق، واختار أبو المعالي أنه إن كان التعريف ينبئ عن تنكير سبق، كقولك: أقبل رجل، ثم تقول: قرب الرجل، والمراد أعرف قرب من ذكرته، فهذا لا يقتضي استغراقا وإن لاح في الكلام قصد المتكلم للجنس فهو للاستيعاب. وإن لم يدر هل خرج تعريفا لتنكير سابق، أو إشعار الجنس، فالرأي عند أبي المعالي أنه مجمل (...) المعممين في حمله على الاستيعاب، واعتل أبو المعالي في توق تب البيت اللفظ ليس بجمع (ص ١١٣) ولا وضع للإبهام المقتضي للاستغراق كأدوات الشرط، فالخصوص والعموم إنما يتلقيان من القرائن، ولكن لا يمكن عنده أن ينتظم الكلام من قاصد من اللفظ إلا مرتبا على تنكير سبق، أو مشعرا بالجنس، وأما وقوع الكلام عريا عن إحدى قرينتي العموم والخصوص، في حال أو مقال فمحال من المنتظم الكلام.
وأما الجمع الذي إنما فارق لفظة واحده بنقصان الهاء كالتمرة والتمر، فإن المعممين مختلفون في دلالته على الاستغراق، واحتج من أنكر دلالته على الاستغراق بأنه ليس بجمع، ألا تراه يجمع في نفسه فيقال: تمور.
وأنكر أبو المعالي هذا الاحتجاج، وقال: إن الإبهام والجمع ثابتان، ويعارض ما قالوه من جمعه على تمور، من امتناع قول القائل تمر واحد، فهذا الامتناع يشعر بالجمع. والعذر عما قالوه أن قولك: تمور جمع [من] حيث اللفظ، وقد قال سيبويه بجمع الناقة على نوق، ثم النوق على نياق، وهما جميعا من أبنية الكثرة، ثم النياق على أنيق، وهو مقلوب أنوق، وأوانيق، على ما علم من علم التصريف، والأفعال جمع قلة، ولكن هذا الجمع مردود إلى ألفاظ أقوام قالوا: نياق.
ورأى أبو المعالي أن التمر أدل على استغراق الجنس من التمور، فإن التمر يسترسل على الجنس لا بصيغة لفظية، والتمور يتخيل فيه الواحد ثم الاستغراق بعده بصيغة الجمع، وفي صيغة الجمع خلاف قد تقدم.
وذكر أبو المعالي أن اللفظ الموضوع لأمور مختلفة كالعين والقرء واللون، فذكر عن بعض المعممين أنهم يحملونه على جميع معانيه، ولم يفرقوا بين كون محامله كلها حقيقة أو