وأما مفهوم المخالفة وهو المسمى عند الأصوليين بدليل الخطاب فإنه يتنوع أنواعا:
فمنه تعليق الحكم بالغاية كقول تعالى:(ولا تقربوهن حتى يطهرن)، وكقوله:(حتى يعطوا الجزية)، وكقوله:(ثم أتموا الصيام إلى الليل).
ومنه تعلق الحكم بالحصر وقريب منه تعليقه بالحد أيضا، كقوله:"إنما الولاء لمن أعتق"، وعد في هذه:"الشفعة فيما لم يقسم"، حتى أشير إلى أنه من قبيل المفهوم الذي فرغنا من ذكره.
ومنه تعليق الحكم بالعدد كقوله تعالى:(إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم).
ومنه تعليق الحكم [بالشرطي] كقوله: (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا).
ومنه تعلقه بالصفة كقوله تعالى:(ومن قتل مؤمنا متعمدا).
ومنه تعليقه بالمكان كقوله:(فاذكروا الله عند المشعر الحرام).
ومنه تعلقه بالزمان كقوله:(إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة).
ومنه تعليق الحكم بالاسم العلم كقوله تعالى:(ليذكروا اسم الله في أيام معلومات).
وقد حصر الشافعي مفهوم المخالفة في خمس وجوه، فذكر الحد، والعدد، والصفة، والمكان، والزمان، وأشار أبو المعالي إلى أن العبارة عن جميعها بالصفة يعم هذا التفصيل الذي فصله، لأن المعدود والمحدود موصوفان بعدهما وحدهما، وظرف الزمان مقدر فيه الصفة، فإذا قلت: زيد في الدار، فالمراد: كائن في الدار. وإذا قلت: القتال يوم الجعة، فالمراد: واقع يوم الجمعة، والكون والوقوع صفات، فهذه أنواع مفهوم المخالفة.