للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة) فقال: لأزيدن على السبعين، وهذا يقضتي أنا ما زاد على السبعين بخلاف حكمها عنده في وضع اللسان، وهكذا قال يعلي بن أمية لعمر بن الخطاب في قصر المسافر الآمن، مع كونه القصر مشروطا في القرآن بالخفو، قال تعالى: (أن تقصروا من الصلاة إن خفتم) فقال له عمر: تعجبت مما تعجبت منه: فسالت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته"، فقد فهم يعلي أن اشتراط الخوف في القرآن يشعر بأن الأمن بخلافه، وأخبره عمر أن رأيه كرأيه، وآكد من هذا إقرار النبي عليه السلام على هذا الاعتقاد ولم ينكره، بل أبان عن سبب القصر مع الأمن، ولو كان اعتقاده من أن المسكوت عنه بخلاف المنطوق به لأنكره.

والمسلك الثالث التعلق بالآثار عن السلف، فمن ذلك أن ابن عباس قال لعثمان رضي الله عنهما: كيف تحجب الأم إلى السدس بأخوين، وهما ليسا بإخوة؟ فقال له عثمان: إن قومك حجبوها [باثنين يا صبي]، وابن عباس إنما تعلق بدليل الخطاب، وهو أن الإخوة إذا قيل: إثنان، فإنهم يردونها إلى السدس، دل على أن من ليس بإخوة بخلافهم، ولم ينكر عليه عثمان هذا الاستدلال.

وكذلك صنع ابن عباس في حجب الأخت الشقيقة أو من الأب عن التوريث مع البنت بقوله تعالى: (إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك)، فدل على أنه إذا كان للمرء ولد فإن الأخت لا ترث، فهذا منقول كما ترى.

وقد احتج بعض الصحابة بقوله عليه السلام: "الماء من الماء"، والحجة من هذا من ناحية دليل الخطاب، وسلم الآخرون الحجة، واعتذروا بأن هذا منسوخ بقوله عليه السلام: "إذا جاوز الختان الختان" الحديث.

والمستقرأ عنهم يكثر، ألا تراهم يتمسكون في الفقهيات بدليل الخطاب، ولهذا كانت المطلقة قبل البناء يسقط نصف صداقها، وليس إلا قوله تعالى: (فنصف ما فرضتم)، ففهموا أن النصف الآخر ساقط.

<<  <   >  >>