فانتهوا)، وهذا يشير إلى أن ما قبله أمر، وهو الذي أتانا حتى تصح المقابلة بين الأمر والنهي، ونحن لا نخالف في امتثال أمره.
وهكذا تعلقوا بقوله تعالى:(لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) الآية.
ونحن نقول: قد قيل: أما قوله في هذه الآية: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره)، أن الضمير المذكور في أمره، المراد به الله سبحانه لا رسوله، لأنه أقرب المذكورين، قال تعالى:(يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذًا فليحذر الذين يخالفون عن أمره)، فالمراد أني أعلم ما يخافونه عن رسوله فاحذروني.
وجواب آخر وهو أن الأمر هاهنا ليس هو الفعل، إنما يسمى أمرا مجازا، وإلا فحقيقة التسمية إنما تنصرف إلى الأوامر القولية، ونحن لا نخالف في أوامره القولية، إنما نهينا عن مخالفته فيها، ويعضد هذا قوله في صدر (ص ١٥٩) الآية: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا)، ودعاؤه ليس من أفعاله المشار إليها، وإنما يراد به ما يأمرنا به وينهانا عنه.
وكذلك تعلقوا بقوله:(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)، ونحن نقول: الطاعة موافقة الأمر، لا المتابعة على الفعل. فهذا تعلق القوم من آي القرآن.
وأما تعلقهم من الأخبار فإنهم يقولون: إن رجلا أتى أم سلمة فسألها عن قبلة الصائم، فسألت أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لها:"ألا أخبرتيه أني أقبل وأنا صائم"، وهذا منه صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أن حسب الناس أن يفعلوا ما يفعل في سائر أحواله، ولهذا قال لأم سلمة:"هلا أخبرتيه أني أقبل"، ولو كان اتباعه صلى الله عليه وسلم في أفعاله ساقطا عنا لم يقل لها مثل هذا الكلام.
وأيضا روى ابن معاذ أتى النبي عليه السلام، وهو راكع فركع معه، فقال له عليه السلام:"ما حملك على ما صنعت؟ فقال: كرهت أن أجدك على أمر ولا أتبعك عليه.، فقال صلى الله عليه وسلم: سن لكم معاذ سنة فاتبعوها" الحديث كما وقع، وهذا يشير إلى اتباعه صلى الله عليه وسلم في أفعاله. ولما