والرمح يعتقل ويتأبط ولا يتقلد به، ولكنه لما كان التأبط والاعتقال حملا للرمح، والتقلد حملا للسيف فتناسبا من ناحية كونهما محمولين، حسن هاهنا عطف الرمح على السيف، ومنه قول لبيد في معلقته:
فعلا فروع الأبهقان وأطفلت ... بالجهلتين ظاؤها ونعامها
يروى: فروع ـ بضم العين ـ ومعناه: عاشت الأرض وعاش ما فيها، ألا ترى قوله: وأطفلت بالجهلتين ظباؤها ونعامها. ويروى ـ بنصب العين ـ ومعناه فعلا السيلُ فروع الأيهقان، والأيهقان: الجرجير البري، الواحدة: أيهقانة، والجلهتان: جانبا الوادي هما ما استقبلك منه، ومعنى البيت: إنه يصف أن هذه الديار قد خلت فكثر أولاد الوحش بها.
والشاهد على غرضنا من البيت قوله: وأطفلت، والنعام لا يقال فيه: أطفل، وإنما يقال فيه: أفرخ وأرأل، ولكن الفرخ لما كان في معنى الطفل، حسن فيه الاتباع.
ومما أجاب به بعض حذاق النحوية عن هذه الشواهد، وهو جواب سادس أن قول ارمرئ القيس على تقدير الحذف، والمراد في بجاد مزمل به الثبير، ثم حذف، وهذا كقول من يقول: كسيت جبة زيدا، والحذف يستعمل في هذا، كما تقول: مررت برجل فكسوته جبة، ثم تكني عن الجبة فتقول: مررت برجل فكسوته، ثم تحذف الهاء. وهكذا التقدير: هذا جحر ضب خرب جحره، ثم حذف جحره، وأبقى الإعراب على حاله. ومثل هذا التقدير الذي ذكرناه لا يتصور في قوله تعالى:(وأرجلكم).
والمقصد من هذا كله أن حمل الآية على الخفض على الجوار تعسف في التأويل، وخروج الإعراب عن الأصل إلى ما لا يحسن إلا عند الضرورة. هذا مع أن التأويلات التي ذكرناها تمنع من تصوره وتقديره في الآية على كل حال، على حسب ما كشفنا لك عن علل تلك الشواهد نظرا، نظما ونثرا.
فإن قيل: قد قال تعالى: (وأغلالا)، وفعالل الذي هو وزن سلاسل، وفعايل أيضا، لا ينصرف في معرفة ولا نكرة إلا في ضرورة، وقد جاء القرآن بصرفه على قراءة من قرأ بذلك من غير ضرورة.
وعن هذا جوابان:
أحدهما: أن في الغايات ومقاطع الآيات بعض أحكام القوافي، والألف في