مؤمنين أولياء الله معصومين، ولكن لابد أن ينضاف إليهم سادس من جملة الناس حتى لا يلتبس أمرهم ولا يتميز هؤلاء المعصومون للناس، وهذا نقله يغني من له أدنى فهم عن الاشتغال بنقضه. وإذا كان عند هذا الرجل لابد أن يكونوا معصومين، فما الحاجة مع العصمة إلى العدد، والعصمة في واحد بعينه تغنيه عن العدد، والرسول واحد، ولما كان معصوما عن الكذب لم يقف العلم بصدقه عن أن ينضاف إليه. وهب أنه تصور الحاجة إلى مضامة عدد، فما المقتضى كونهم خمسة؟ فإن مر في الاعتلال لكونهم خمسة على طريقة القاضي التي سنذكرها من أن الأربعة لا يقع العلم بخبرهم. قيل له: القاضي لا يشترط العصمة، وسنتكلم على الذي أداه إلى ما قال حتى يعلم منه أنه هذا الرجل لم يسلك مسلكه. ومن ركيك ما نقل عن هذا الرجل أنه قال: أقل ما يقع بخبره خمسة إلى عشرين، ولا يمكن عاقل أن يتصور وجها إلى جعل العشرين نهاية دون أن يقال: إلى الثلاثين، أو إلى الأربعين، أو إلى الألف، والألفين، وقد قدمنا أن الكثرة لا يصح أن تنضبط بنهاية وآخر.
وهكذا اشتراط التباس الخمسة بدخول سادس معهم ليس منهم حتى يلتبس أمرهم لا تأثير له في ثبوت العلم أو نفيه، وإنما هذا قرع باب قوم آخرين من الإمامية الذاهبين إلى إمام معصوم لا يعلم متميزا بين الناس، أو قوم آخرين يرون إخفاء حال الولي وكونه في الأرض لا يعرف. وهذا كله لا معنى للتشاغل به، كما قدمناه.
وهذا ما ذهب إليه العلاف، وهشام القوصي من أن أول عدد يقع بهم العلم عشرون مؤمنون أولياء الله، تمسكا بقوله تعالى:(إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين).
وهكذا من قال: أقلهم أربعون، لأنهم فيهم نزل قوله تعالى:(يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)، والآية نزلت لما (ص ١٩٤) كمل إسلام أربعين، وأيضا فإنه العدد الذي لا تقوم الجمعة بأقل منه على رأي من قال به من الفقهاء.
وهكذا مذهب من ذهب إلى أنه يجب أن يكون أقلهم ثلاثمائة وثلاثة عشر كعدد أهل بدر.
ومذهب من ذهب إلى أن عددهم ألف وسبعمائة كعدد أهل بيعة الرضوان.