للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، فأخبره أن عنده من هذا علما، فحمد الله عمر، ثم انصرف. الحديث مشهور في الدواواين الصحاح.

- وهكذا أيضا رجع إلى خبره في أخذ الجزية من المجوس لما أخبر بقوله عليه السلام: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب".

- وهكذا رجع رضي الله عنه في دية الأصابع إلى خبر عمرو بن حزم في الديات بعد أن كان يرى اختلاف دية الأصابع، وأن في الإبهام خمسة عشر، وفي الخنصر خمس، وفي البنصر تسع، وفيما سوى هذه الثلاث عشر، عشر.

- ورجع أيضا عثمان بن عفان رضي الله عنه في خبر السكنى إلى الفريعة بنت مالك.

- ورع علي رضي الله عنه إلى خبر المقداد في خبر المذي، على أنا نبهنا في كتاب "المعلم" بما في حديث علي رضي الله عنه، وكان رضي الله عنه يحلف من أخبره عن النبي عليه السلام بخبر، وإذا أخبره الصديق لم يحلفه فيقول: أخبرني الصديق، أخبرني أبو بكر، وصدق أبو بكر.

- وقد رجع ابن عمر رضي الله عنه في المخابرة إلى رواية رافع بن خديج.

- ورجع زيد بن ثابت في جواز أن تنفر الحائض قبل طواف الوداع إلى الحديث الذي روي له في هذا.

وهذا لو تتبع خرج عن الحد والحصر، وأنت إذا طالعت ما صنف في هذا من كتب المحدثين والفقهاء التقطت من هذا الجنس ما لا يكاد يحصى، ومثل هذا يدل على أنهم رضي الله عنهم مجمعون على العمل بخبر واحد، لأن مثل هذه الكثرة من القصص لا تكاد تنكتم وتخفي، فكانوا ما بين راو لخبر، وعامل به، ومسلم للرواية والعمل، فصار ذلك منهم إطباق على العمل، إذ لو كان العمل به حراما لكانوا أجمعوا على خطأ ومعصية، لأنهم ما بين عامل وراض بالعمل مسلم له. وهذه عمدة يعول عليها في إثبات العمل بخبر الواحد، وهي معتمد الحذاق من الأصوليين.

وقد رويت أخبار تتضمن ردهم لخبر الواحد، وهي سبب اختلاف من حكينا عنه اختلافهم في إجراء الخبر مجرى الشهادة، فلا يقبل فيه إلا اثنان. وقد ذكرنا أنه قد يتعلق بها أيضا من ينكر العمل بخبر الواحد جملة، وإن كان راوي الخبر رجلين، ويرون ذلك دلالة سمعية، ونحن نورد عليك الآثار تعلق بها هؤلاء، ثم نجيب عنها:

<<  <   >  >>