أو اثنين، أو أربع، على حسب تفاصيل الشرع في هذا، وهذه التقييدات زيادات في التعبد مع حصول الثقة، بخلاف الخبر فإنه يقبل من العبد والمرأة.
وقد كنا نحن قدمنا لك إشارة إلى ورود تعبد في الخبر مع حصول الثقة، لأنا أريناك أنهم ردوا خبر من لا يكذب في حديثه عن النبي عليه السلام، ولكنه يكذب على الناس، وخبر من لم يبلغ، وإن اعتيد منه الصدق والتحري.
فأما أبو المعالي فإنه على أصله هذا يدافع في حصول الثقة بخبر هؤلاء، ويرى أن الكاذب على الناس لا يوثق بخبره عن النبي عليه السلام، وإن اعتيد منه الصدق فيه، وكذلك من لم يبلغ الحلم، فإن سلكت طريقته فقد أوضحناها لك، وإن خفت من التشغيب والمنازعة في هؤلاء، قلت: لا يبعد أن يكون التعبد ورد بأن لا يقبل خبر هؤلاء، وقد كنا حكينا عن مالك رضي الله عنه أن لا يقبل حديث من يكذب على الناس وإن كان يصدق على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أنه أضاف إلى ذلك من كان سفيها معلنا بالسفه، وقد تأول بعض أصحابنا البغداديين كلامه هذا على الإشارة إلى ما قدمناه من رد شهادة المخرق في المداعبة والتمازح، ولقوله: المعلن بالسفه، وهذا التقييد إشارة إلى ما قلناه من كون الإنسان معروفا بالمجون، والعيارة، ومداعبة الأرذال. وأما لو أراد بالسفه غير هذا وهو مقارفة الكبيرة، فإنه لا يقيد حينئذ بالإعلان بالسفه، لأن من شهد عليه بقتل نفس مسلمة عمدا ظلما وعدوانا ترد شهادته، وإن لم يعلن بذلك، وكذلك من زنا سرا.
فهذا منتهى القول في حقيقة العدالة والجرح، قد كشفنا لك حقائقه جملة وتفصيلا، لغة وشرعا.
وأما المسألة الثالثة أما الجرح فإنا سنتكلم فيما بعد على وجوب استفسار المجرح، ولا عبارة مطلوبة في الجرح أكثر من إخبار الشاهد [عن القـ]ـصة التي عول عليها في التجريح، كقوله: رأيته أربى، أو رأيته شرب خمرا.
وأما التعديل المطلق فالحذاق على أنه لا تشترط [فيه] عبارة مخصوصة، وإنما المطلوب من المعدل أن يورد عبارة يفهم منها عنه أن الراوي والشاهد عنده عدلان، والمشهور عن مالك رضي الله عنه اشتراط عبارة مخصوصة، وهو أن يقول (ص ٢١٨) المعدل: الشاهد هو عدل رضي. وقال الشافعي: بل المطلوب أن يقول هو عدل مقبول القول لي وعلي، إن كان التعديل لراو، أو يقول: هو عدل مقبول الشهادة لي وعلى إن كان التعديل لشاهد.