جريح الراهب، إن قيل:[إ] نه لا يتضمن حكما، وإن كان البخاري أشار إلى تعلق حكم به، وكخبر إحدى عشر امرأة على طوله، وما فيه من اللغة، إن قيل أيضا: إنه لا يتعلق به حكم.
وقد شرحناه في كتابنا "المعلم"، وذكرنا ما قيل: إنه يتعلق به. فمثل هذا وإن طال فتغيير العبارة فيه وإضافتها إلى النبي عليه السلام لا يبعد أن يذهب الذاهبون إلى منعه، لكن يظهر لما قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب وجه، وهو أن يكون الحديث المطال يتعلق به الأحكام، وقصده صلى الله عليه وسلم بإيراده أن يعمل به، ويبلغها السامعون لمن يأتي بعدهم ويعلمونهم إياها، فإن هذا يكون منه صلى الله عليه وسلم شاهد الحال فيه يتضمن الإذن في نقل ذلك عنه بالمعنى، إذ لا يقدر على أكثر منه، ولو ردده عليه السلام ليحفظ لأمكن في الغالب أن يكون الأظهر تغيير بعض العبارة، فإن أراد رحمه الله بما انفرد بإيراده هذا الوجه، فما قاله صحيح.
فهذه مواقع الاتفاق وقد ضبطناها هنالك، وذكرنا هنا كل ما قيل فيها، ووجه التحقيق فيها، فإذا علمت ذلك علمت ما سواه هو موقع الخلاف.
وأما الوجه الثاني وهو نقل المذاهب، فاعلم أن معظم الأصوليين على جواز نقل الحديث بالمعنى، كما أن معظم المحدثين على منع ذلك. وأما الفقهاء فإن أبا حنيفة لم يختلف المصنفون في النقل عنه أنه يجيز ذلك، وكذلك الشافعي نقل المصنفون عنه إجازة ذلك أيضا، لكن الذي وقع له في كتاب الرسالة أن حديث النبي عليه السلام إنما ينقل كما سمع بلفظه، إذا كان الناقل غير عالم، واحتج لذلك بقوله عليه السلام:"نضر الله أمرأ سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها" الحديث. والتقييد في منع النقل يكون الناقل غير غير عالم يشير إلى أنه يجيز ذلك إذا كان الناقل عالما، والتعويل فيإضافة هذا المذهب إليه على مثل هذا اللفظ فيه نظر، فإن لم يوجد له ما ينقل منه مذهبه في هذا اللفظ فلا يحسن التصميم على إضافة هذا المذهب إليه، الذي قاله أبو حنيفة. وأما مالك فمن المصنفين من يضيف إليه ما أضاف إلى الإمامين أبي حنيفة والشافعي، ويرى أنه يقول بالجواز، ومنهم من يضيف إليه الامتناع من نقل الحديث على المعنى، والذي وقع له لفظ أشار ابن خويز منداد [به] إلى أن مذهب مالك المنع من نقل الحديث على المعنى تمسكا منه بأن مالكا سئل عن ذلك فقال: لا ينقل حديث النبي عليه السلام إلا كما سمع، وأما نقل أحاديث الناس فإنه لا بأس