لا يتكلف التقدير باجتهاده، ليس هو من أهله، لأن ذلك محرم في الدين، وذلك لو وقع منه قُدح في أمانته وعدالته.
وإن كان المقدر من أهل الاجتهاد لم يجب حمله على أنه قدر توقيفًا لجواز أن يكون قدره اجتهادًا، وسيما إن كان ممن يقول إن للاجتهاد وطرق القياس مدخل في تقدير الحدود والكفارات، لجواز أن قوله به توقيفًا، وجواز يتأت إليه اجتهادًا.
وقال فريق آخر: إن قدر الراوي ذلك وصوبته الأمة على تقديره ووافقته على العمل به حمل أمره على أنه لم يقله إلا عن توقيف، لأنها لا تصوبه فيه إلا بأن يكون ما قاله توقيفًا وإن لم تجمع على تصويبه فيه لم يجب حمله على أنه سمع ذلك توقيفًا.
والذي نختاره في هذا الباب أنه لا يتغير بكون المقدر من الرواة والصحابة من أهل الاجتهاد وليس من أهله ولا بأن تجمع الأمة على مثل قوله أو تختلف في ذلك، بل لا يجب أن يقدر بحق، لأنه قدر ولا أن يقطع من أي جهة قدر، بل يجب الرجوع إلى الحجة والنظر، لأننا لا ندري لعل المقدر ليس من أهل الاجتهاد، وهو يظن أنه من أهله غير معتمد للمعصية، بل لتوهمه كما آلة الاجتهاد فيه. وهو غير معصوم من ذلك، وإن كان الأغلب من حاله خلاف هذا.
وشيء آخر: وهو أنه قد يجوز أن يكون المقدر ليس من أهل الاجتهاد إلا أنه سمع صحابيًا عالمًا إما مفتيًا أو حاكمًا قدر ذلك التقدير، وهو يرى