القول في تنزيل أوامر الله عز وجل وأوامر الخلق, وذكر
جمل من مراتبها وأقسامها
قد بينا فيما سلف أن أمر كل آمر من قديم ومحدث معنى قائم بنفسه, وكذلك سائر أقسام الكلام بما يغني عن رده.
ويجب أن تعلموا أن الأوامر كلها على قسمين:
فضرب منها صفة لله تعالى من صفات ذاته ليس بفعل من أفعاله لما ثبت من نفي خلق كلامه, وإذا ثبت هذا استحال وصف أمر الله تعالى بأنه مما يجب على الله أو يجب عليه تركه, أو كونه مندوبًا إليه أو مباحًا أو محظورًا عليه, لأن الواجب والندب والمباح والمحظور لا يصح أن يكون إلا فعلًا من الأفعال باتفاق. وإذا لم يكن أمره تعالى فعلًا له أو لغيره استحال وصفه بشيء من ذلك, وكذلك فيستحيل وصفه بالحسن والقبح والإحكام والإتقان والعبث والفساد