ومما يدل على ذلك إجماع الأمة على أن الكافر مأثوم ومعاقب ملوم على تكذيب الرسل عليهم السلام, وجحد نبوتهم وقتلهم وقتالهم ومعذب بذلك, كما أنه معذب على الكفر بالله عز وجل. وهذا مما لا اختلاف فيه. ولا يمكن أحدا أن يقول إنهم غير مأمورين بتصديق الرسل عليهم السلام ولا معذبين ولا عاصين بتكذيبهم وقتالهم وقتلهم وإن استجاز بعضهم أن يقول إنهم غير معذبين ولا عاصين بترك الصلاة والصيام وشرائع الإسلام. وإذا ثبت أنهم عصاة بتكذيب الرسل وقتلهم وقتالهم, وثبت باتفاق أنه لا يصح منهم العلم بصدق الرسل وصحة معجزاتهم وتحريم قتالهم إلا بعد معرفة الله سبحانه، وكونه منفردا بالقدرة على ما ظهر من آياتهم وجب أن يكونوا مأمورين بالعلم بصدقهم وصحة آياتهم بشريطة تقديم معرفة الله تعالى. وما هو مختص بالقدرة عليه. وكذلك هم مأمورون بالعبادات وترك المحظورات بهذه الشريطة. وهذا مما لا سبيل لهم إلى دفعه. وهذه النكتة مبطلة لشبههم التي يعتمدون عليها في إحالة تكليف الكافر للعبادات مع المقام على الكفر.
فصل: ذكر ما تعلق به المخالفون في هذا الباب والجواب عنه.
وقد اعتمدوا في إحالة تكليف الكافر العبادات بأنها لا تصح منه على وجه القربة إلى الله سبحانه مع المقام على كفره, فاستحال لذلك أمره بها, وهذا ساقط ومنتقض بالاتفاق على أن المحدث مأمور بفعل الصلاة, وقد اتفق على استحالة وقوع الصلاة منه على وجه القربة مع كونه محدثا، ولكنه لما صح منه